- فتح إصطخر (١):
إصطخر: كورة وبلدة في بلاد فارس، وبها كثير من المدن والقرى، أشهرها البيضاء ومائتين ونيريز وأبرقوه ويزد وغيرها. وبها كانت خزائن الملوك قبل الإسلام. قيل: وفي جبالها معدن الحديد. وفي دارا بجرد إحدى قراها معدن الزئبق. وفي إصطخر وضع هيستاسب كتاب زرادشت نبي المجوس لما كانت في عظمتها.
وعلى ثلاثة أو أربعة فراسخ من ميان تجد آثار مدينة إصطخر الشهيرة في قديم الزمان باسم برسبوليس وهي مدينة قديمة كانت سابقًا دار سلطنة بلاد فارس.
لما جاء الإسلام كان أول من غزا بلاد فارس العلاء بن الحضرمي (٢) في خلافة عمر سنة ١٧ هجرية. سار بجيوشه بحرًا وخرجوا بإصطخر فقاتلهم أهلها قتالًا شديدًا فانجلى القتال عن هزيمة أهل إصطخر. ثم دخل أبو موسى الأشعري بلاد فارس في نفس السنة، ودفع لواء إصطخر إلى عثمان بن أبي العاص الثقفي لما فرق الألوية على رجاله فلم يتيسر الفتح إلا سنة ١٨ هـ، وقيل بعد ذلك. قال ابن الأثير (٣): وقصد عثمان بن أبي العاص الثقفي إصطخر فالتقى هو وأهلها بجور ⦗١٠٠⦘ فاقتتلوا، وانهزم الفرس وفتح المسلمون جور، ثم إصطخر وقتلوا الكثير، وفر بعضهم فدعا عثمان إلى الذمة والجزية، فأجابه الهربذ إليها فتراجعوا، وكان عثمان قد جمع الغنائم فبعث بخمسها إلى عمر، وقسم الباقي في الناس.
ثم عصت إصطخر فعاد إليها عثمان سنة ٢٧ هـ، وفتحها ثانية. ثم انتفض الفرس فواقعهم عبيد اللَّه بن معمر على باب إصطخر سنة ٢٩ هـ فقتل وانهزم المسلمون، فبلغ الخبر عبد اللَّه بن عامر فسار إليهم والتقوا بإصطخر، فانهزم الفرس، وقتل منهم كثيرون، وفتحت إصطخر عنوة. وأتى دارا بجرد وقد غدر أهلها ففتحها، وصار إلى جور، فانتفضت إصطخر فلم يرجع إليها إلا بعد أن فتح جور ففتحها أيضًا عنوة بعد أن حاصرها واشتد القتال عليها ورماها بالمناجيق، وقتل من أهلها خلق كثير، وأفنى أكثر أهل البيوتات ووجوه الأساودة كانوا قد لجأوا إليها، والذي استخلفه على إصطخر شريك بن الأعور الحارثي فبنى مسجدها.
قال البلاذري في فتوح البلدان:
"لما فرغ عبد اللَّه بن عامر من فتح جور، كرَّ على أهل إصطخر وفتحها عنوة بعد قتال شديد، ورمى بالمناجيق، وقتل بها من الأعاجم ٤٠. ٠٠٠" الخ.
_________
(١) فتوح البلدان البلاذري، الذهبي، تاريخ الإسلام ج ٣/ص ٣٧٩.
(٢) هو العلاء بن عبد اللَّه الحضرمي، صحابي، من رجال الفتوح في صدر الإسلام، أصله من حضرموت، سكن أبوه مكة فَوُلد العلاء ونشأ فيها، توفي سنة ٢١ هـ، ولاَّه رسول اللَّه ﷺ البحرين سنة ٨ هـ، وأقرَّه أبو بكر ثم عمر، وهو الذي سير عرفجة بن هرثمة إلى شواطئ فارس سنة ١٤ هـ بالسفن، فكان أول من فتح جزيرة بأرض فارس في الإسلام، ويقال: إن العلاء أول مسلم ركب البحر للغزو. للاستزادة راجع: البدء والتاريخ ج ٥/ص ١٨٣، تهذيب الأسماء ج ١/ص ٢٨٠، الإصابة ترجمة ٥٦٤٤، ابن سعد ج ٤/ص ٣٣٣، جمهرة الأنساب ص ١٨٧، صفة الصفوة ج ١/ص ١٨٩، تاريخ الإسلام للذهبي ج ٢/ص ١٦٥، المحبّر تحت عنوان "رسل النبي ﷺ إلى الملوك والأشراف".
(٣) ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج ٢/ص ٤٣٩.
1 / 99