ووجوهه والشكرِ وأنواعه، وفَصْلِ النزاع في التفضيل بين الغني الشاكر والفقير الصابر، وذكرِ حقيقة الدنيا وما مثَّلها اللَّه ورسولُه والسلف الصالح به، والكلامِ على سِرّ هذه الأمثال ومطابقتها لحقيقة الحال، وذكرِ ما يُذمُّ من الدنيا ويُحمَدُ وما يقرّبُ منها إلى اللَّه ويُبْعِد وكيف يَشقى بها من يشقى، ويسعدُ بها من يسعد، وغير ذلك من الفوائد التي لا يكاد يُظفر بها في كتاب سواه.
وذلك محض منةِ اللَّه على عبده، وعطية من بعض عطاياه، فهو كتاب يصلح للملوك والأمراء، والأغنياء والفقراء، والصوفية والفقهاء، يُنهِض القاعدَ إلى المسير، ويؤنس السائر في الطريق، وينبِّه السالك على المقصود.
ومع هذا فهو جهد المقل وقدرة المفلس، حذر فيه من الداء وإن كان من أهله، ووصف فيه الدواء وإن قصَّر عن (^١) تناوله لظلمه وجهله، وهو يرجو أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين أن يغفر له غِشَّهُ لنفسه بنصيحته لعباده المؤمنين.
فما كان في الكتاب من صوابِ فمن اللَّه وحده؛ فهو المحمود المستعان، وما كان فيه من خطأ فمن مصنفه ومن الشيطان، واللَّهُ بريء منه ورسولُه.
وهذه بضاعة مؤلفه المزجاة تساق إليك، وسلعته تعرض عليك، فلقارئه غُنمه، وعلى مؤلفه غرمه (^٢).
_________
(^١) في (ن): "لم يصبر على". مكان: "قصر عن".
(^٢) في (م)، (ب) بعد هذه الكلمة الزيادة التالية: "وبنات أفكاره تزف إليك، فإن =
1 / 11