فصل (^١)
ولما كان الإيمان نصفين: نصفَ صبر ونصفَ شكر، كان حقيقًا على من نصح نفسه وأحب نجاتها وآثر سعادتها، أن لا يهمل هذين الأصلين العظيمين، ولا يعدِل عن هذين الطريقين [القاصدين] (^٢) وأن يجعل سيره إلى اللَّه بين هذين الطريقين (^٣)؛ ليجعله يوم لقائه مع خير الفريقين.
فلذلك وضع هذا الكتاب للتعريف بشدة الحاجة والضرورة إليهما، وبيان توقف سعادة الدنيا والآخرة عليهما، فجاء كتابًا جامعًا حاويًا نافعًا، فيه من الفوائد ما هو حقيق أن يُعضّ عليه بالنواجذ وتثنى عليه الخناصر، ممتعًا لقارئه، مُرِيحًا للناظر فيه، مسلّيًا للحزين، منهضًا للمقصرين، محرّضًا للمشمرين.
مشتملًا على نكت حِسانٍ من تفسير القرآن، وعلى أحاديثَ نبويةٍ معزوةٍ إلى مظانها، وآثار سلفية منسوبة إلى قائلها، ومسائلَ فقهية حسان مقررة بالدليل، ودقائق سلوكية على سواء السبيل (^٤)، وذكرِ أقسام الصبر
_________
(^١) المقدمة الآتية استفادها المصنف ﵀ من كتاب "إحياء علوم الدين" للغزالي (٤/ ٥٢).
وقد أفرد الغزالي في "إحياء علوم الدين" (٤/ ٥٢ - ١٢٠) للصبر والشكر كتابًا، وهو الكتاب الثاني من ربع المنجيات.
(^٢) ما بين المعكوفين من النسخ الأخرى، ولعله سقط من الأصل.
(^٣) في (م): "الجناحين".
(^٤) في (م)، (ب) زيادة: "لا تخفى معرفة ذلك على من فكّر وأحضر ذهنه، فإن فيه ذكر أقسام. . . ".
وفي (ن): "لا تخفى. . . ذهنه وذكر أقسام. . . ".
1 / 10