وإذا ترقرق في الصحيفة ماؤه ... عبق النسيم فذاك ماء شبابي
يصغي اللبيب له فيقسم لبّه ... بين التعجّب منه والإعجاب
أعزز عَلَيّ بأن أرى أشلائه ... تدمى بظفر للعدوّ وناب
أفمنْ رماه بغارة مأمونه ... باعت ظباء الروم في الأعراب
إنّي نبذت على السواء إليكما ... فتأهّبا للفادح المنتاب
وإذا نبذت إلى امرء ميثاقه ... فليستعد لسطوتي وعقابي
وهي طويلة متناسبة في الحسن والعذوبة. وله من قصيدة مدح بها أباالبركات لطف الله بن ناصر الدولة يتظلّم إليه من الخالديين وقد ذهبا بشعره ومدحا به المهلبي وغيره.
يا أكرم الناس إلاّ أنْ يعدَّ أبًا ... فات الكرام بآباء وآثار
أشكو إليك حليفَيْ غارة شهرا ... سيف الشقاق على ديباج أفكاري
ذئبين لو ضفرا بالشعر في حرم ... لمزّقاه بأنياب وأظفار
سلاّ عليه سيوف البغي مصلتةً ... في جحفل من شنيع الظلم جرّار
وأرخصاه فقل في العطر ممتهنا ... لديهما يشتري من غير عطّار
لطائم المسك والكافور فائحة ... منه ومنتخب الهندي والغار
وكلّ مسفرة الألفاظ تحسبها ... صفيحة بين إشراق وإسفار
أرقت ماء شبابي في محاسنها ... حتّى ترقرق فيها ماؤها الجاري
كأنّما نفس الريحان تمزجه ... صبا الأصائل من أنفاس أنوار
إن قلّداك بدر فهو من لججي ... أو ختّماك بياقوت فأحجاري
باعا عرائس شعري بالعراق فلا ... تبعد سباياه من عون وأبكار
مجهولة القدر مظلوم عقائلها ... مقسومة بين جهّال وأغمار
ما كان ضرّهما والدر ذو خطر ... لو حلّياه ملوكًا ذات أخطار
وما رأى الناس سبيًا مثل سبيهما ... بيعت نفائسه ظلمًا بدينار
والله ما مدحا حيًّا ولا رثيا ... ميتًا ولا افتخرا إلاّ بأشعاري
هذا وعندي من لفظ أشعشعه ... سلافة ذات أضواء وأنوار
وله من قصيدة في أبي إسحاق الصابي وقد ورد عليه كتاب عن الخالديين بأنّهما منحدران إلى بغداد:
قد أظلّتك يا أبا إسحاق ... غارة اللفظ والمعاني الرقاق
فاتّخذ معقلًا لشعرك يحميه ... مروق الخوارج المرّاق
قبل رقراقة الحديد تريق ... السمَّ في صفو مائه الرقراق
كان شنُّ الغارات في البلد القفر ... فأضحى على سرير العراق
غارة لم تكن بسمر العوالي ... حين شنّت ولا السيوف الرقاق
جالس فرسانها عَلَيّ جلوسًا ... لا أقلّتهم ظهور العتاق
فجعت أنفس الملوك أبا الهي ... جاء حربًا بأنفس الأعلاق
بقواف مثل الرياض تمشّت ... بين أنوارها جياد السواقي
بدع كالسيوف أرهفن حسنًا ... وسقاهنّ رونق الطبع ساقي
مشرقات تريك لفظًا ومعنى ... حمرة الحلي في بياض التراقي
يا لها غارة تفرّق في الحو ... مة بين الحمام والأطواق
تسمّ الفارس المقدَّم بالعار ... وبعض الأقدام عار باقي
لو رأيت القريض يرعد منها ... بين ذاك الإرعاد والإبراق
وقلوب الكلام تخفق رعبًا ... تحت سامي لوئها الخفّاق
وسيوف الضلال تفتك فيها ... بعذاري الطروس والأوراق
والوجوه الرقاق دامية الأب ... شار في معرك الوجوه الصفاق
فتنفّست رحمةً للخدود ال ... حمر منهنّ والقدود الرقاق
والرياض التي ألحّ عليها ... كاذب الودق صادق الإحراق
والنجوم التي تظلّ نجوم ... الأرض حسّادها إلى الإشراق
بعدما لحن في سماء المعالي ... طلعًا وانتثرن في الآفاق
وتخيّرت حليهنّ فلم تعد ... خيار النحور والأعناق
وقطّعت الشباب فيه إلى أن ... همّ برد الشباب بالأخلاق
فهو مثل المدام بين صفاء ... وبهاء ونفحة ومذاق
منطق يخجل الرييع إذا حلّ ... عليه السحاب عقد النطاق
يا هلال الآداب يابن هلال ... صرف الله عنك صرف المحاق
سوف أهدي إليك خدم المج ... دا إماءً تعاف قبح الإباق
كلّ مطبوعة على اسمك باد ... وسمها في الجباه والآماق
وقال في أبي تغلب من قصيدة ذكر فيها أحد الخالديين:
1 / 44