إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم (54) وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون (55) ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون (56) وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (57) وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين (58) فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون (59) وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين (60))
قال الله تعالى : ( فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ): فما دام يصحبك تميز وعقل ، فأنت في عين الجهل ؛ حتى يضل عقلك ، ويذهب خاطرك ، وتفقد نسبتك إذ ذاك عسى ولعل.
وقال الواسطي : كانت توبة بني إسرائيل إفناء أنفسهم ، ولهذه الأمة أشد ، وهو إفناء نفوسهم عن مرادها مع بقاء رسوم الهياكل.
وقال الفارسي : «التوبة» : محو البشرية ؛ لإثبات الإلهية.
قال الله تعالى : ( فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ).
وقيل : ألقوا عن أنفسكم كل شيء ، لا يقربكم إلى الله تعالى.
أي : طلبتم رؤيتي ومطالعتي ؛ بتقليد موسى ، وليس لكم مقام المشاهدة ، فلما برز لكم ذرة من أنوار ذاتي ، فنيتم فيها واحترقتم ؛ لأنكم في البداية ، وموسى في النهاية.
وأيضا أفنيتكم في سطوات عظمتي ، وأبقيتكم بأنوار جمالي وجلالي ، بقوله : ( ثم بعثناكم من بعد موتكم ).
وقال بعض البغداديين : من طالع الذات بغير الحرمة انمحق ، ومن طالعها بالحرمة أولى عليه صفات الجبروت والعظمة ؛ ليستغيث من ذلك بلسان العجز ، سبحانك تبت إليك.
( وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى ): ظللهم بغيم القدرة ،
Shafi 50