( إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل ) (1) أي : آثرتم تمثال الشيطان على مشاهدة الرحمن.
وأيضا جهلتم صنع الخالق من صنع المخلوق.
وقيل : فيه عجل كل إنسان نفسه ، فمن أسقطه وخالف مراده هواه ، فقد بري من ظلمه.
( فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ) أي : فارجعوا عن رؤية مواهبه إلى معرفة نفسه ، واقتلوا أنفسكم بسيوف همومكم ؛ حتى لا يزاحمكم في قربه بربكم.
وأيضا توبوا من رؤية توبتكم عليكم ، واقتلوا أنفسكم بمعرفتكم برؤية توبة ربكم عليها ، حتى توصلكم معرفتها ومخالفتها إلى معرفة ربكم.
«التوبة» هاهنا : محو أصول الخيال عند مبادئ المكاشفات ، وقتل النفس عند وجدان المشاهدات ، قربانا من البريات لصفات الأزليات.
وأيضا فاقتلوا أنفسكم بالمجاهدات بعد معرفة النفوس بعين النكرة على حقيقة المعرفة ، حتى توصلكم إلى عين الجمع ، وصرف الاتحاد بلا رسومات البشرية.
وقيل : فاقتلوا أنفسكم في طاعته ، ثم توبوا إليه من أفعالكم وأقوالكم وطاعتكم.
قال ابن منصور : «التوبة» : محو البشرية بإثبات الإلهية ، وقتل النفس عما دون الله تعالى ، وعن الله حتى ترجع إلى أصل القديم ، ويبقى الحق كما لم يزل.
وقيل : إذا كان أول قدم في العبودية التوبة ، وهو إتلاف النفس وقتلها ، بترك الشهوات وقطعها عن الملاذ ، فكيف الوصول إلى شيء من منازل الصديقين ، وفي أول قدم منها ، تلف المهج.
وقيل : توبوا إلى بارئكم أي : ارجعوا إليه بأسراركم وقلوبكم ، واقتلوا أنفسكم بالتبري منها ؛ فإنها لا تصلح لبساط الأنس.
وقال ابن منصور : ما شرع الحق إليه طريقا ؛ إلا وأوائله التلف.
( وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا
Shafi 49