وقال ابن عطاء : استعينوا على البلوغ إلى درك الحقائق.
وقال أبو عثمان : استعينوا بهم على رعاية أوقاتكم.
وقال بعض العراقيين : استعينوا بالصبر عن دون الله ، والصلاة بالوقوف بحسن الأدب مع الله.
( وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ): لأن في صوم الرجال إمساك عما سوى الله ، وفي صلاة أهل الكمال عذوبة القلب من طلب مناجاة الرب ، ولا يستعملها إلا من خشع نفسه في العبودية ، وعشق قلبه بالربوبية.
وأيضا أمرهم بالعبودية ، وأرشدهم إلى جميع العبادة ، وهي الصوم والصلاة ، وأضاف تساهلها إلى أهل الخشوع ؛ لأنها الكبيرة على العاشقين.
وقال أبو عثمان : لمن خشع قلبه وروحه ، وستره بوارد الهيبة ، وطوالع الإجلال.
وقال بعضهم : لمن أيد في الأزلي تخصيص الاجتباء.
وقال ابن عطاء : إنها لكبيرة إلا على من تحقق إيمانه ، وخشع سره لعظمتي ، واحترقت أحشاؤه خوفا من قطيعتي.
( الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم ): وصفهم بالظن ؛ لأنهم ليسوا من أهل المكاشفة الذين رأوا ربهم بقلوبهم في غيبه ، فتوافقت بدايتهم نهايتهم.
وقيل : من وحد الله بأفعاله وطاعته ، كان توحيده على الظن ؛ ألا تراه يقول : ( استعينوا بالصبر والصلاة ).
وقال أبو عبد الرحمن السلمي : لو حققوا التوحيد ، كانت صلواتهم وخشوعهم عليهم زينا ، فلما ركنوا إلى أفعالهم ، كان توحيدهم ظنا ، وطاعتهم عليهم شيئا.
قال بعضهم : ( الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم ): يتيقنون ، وإنما أقام الظن مقام اليقين ؛ لأن في الظن طرفا من اليقين ، وإنما ذكر الظن إبقاء على المذنبين ، وسترا على العاصين الذين ليس لهم صفاء اليقين ، ولو ذكر اليقين صرفا ، لخرجوا من الجملة.
( وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ): أراد الله تعالى أن يقدس موسى من العادة والطبيعة ورسم البشرية ، بصفاء الخلوة ، ونيران الجوع ؛ ليتهيأ له استعداد تحمل أنوار المشاهدة والخطاب ، فصار سنة لأوليائه من طلاب المعرفة والمشاهدة ، تلك الأربعين.
وأيضا أراد أن يربيه في كنف قربه ؛ حتى يقدر أن يسمع كلامه القديم ؛ لأن تحمل الحقائق لا يكون لأحد ، حتى يستقيم في الواردات والصادرات من التجلي والتدلي.
Shafi 48