بلفظ بلى ، فلا ترجعوا في طلب الشيء إلى غيري.
وقيل : ( وأوفوا بعهدي ): أحفظوا ودائعي عندكم لا تظهروها إلا عند أهلها ، أوف بعهدكم ، وأبيح لكم مفاتيح خزائن بري ، وأنزلكم منازل الأصفياء.
وقال أبو عثمان : ( وأوفوا بعهدي ): في التوكل ، أوف بعهدكم بكفاية مهماتكم.
وقال أبو سعيد القرشي : ( وأوفوا بعهدي ) في حفظ آداب الظاهر ، أوف بعهدكم بتزيين سرائركم.
وقال بعض العراقيين : أوفوا بعهدي في العبادات ، أوف بعهدكم ، وأوصلكم إلى منازل الرعايات.
وسئل أبو عمرو البيكندي عن قوله : ( وأوفوا بعهدي )، فقال وفاء العهد الأمانة ، وهو : ألا يخالف سريرتك علانيتك ؛ لأن القلب أمانة ، والوفاء بالأمانة الإخلاص في العمل ، فمن لم يخلص لا نقيم له يوم القيامة وزنا.
( وإياي فارهبون ): هذا خطاب الخاص من الخاص إلى الخاص ، أمرهم بإجلال نفسه بخصائص التعظيم مع لب اليقين ، خوفا منه به لا عنه ، فإنه جل وعز خوفهم بنفسه لا عن نفسه. وقال سهل بن عبد الله : ( وإياي فارهبون ): موضع اليقين ومعرفته ، ( وإياي فاتقون ) موضع العلم السابق ، وموضع المكر والاستدراج.
قوله : ( وإياي فاتقون ) أي : بي اتقوا مني ، وبداية التقوى التبري من الناسوت للاهوت ، ومن الكون للمكون ؛ حتى بلغ حقيقة التقوى ، فاتقى منه به له فرجا الله ، وخاف منه.
وقال بعضهم : التقوى على أربعة أوجه : «العامة» : تقوى الشرك ، و «للخاص» : ترك المعاصي ، و «للعارفين» : تقوى التوسل ، و «لأهل الصفوة» : تقواهم منه وإليه.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي : التقوى النظر إلى الكون بعين النقص.
( ولا تلبسوا الحق بالباطل ) أي : تخلطوا الكشف بالخيال ، والفهم بالوهم ، والفراسة بالحس ، والإلهام بالوسواس ، واليقين بالشك ، والعبودية بالربوبية ، والحقيقة بالرسم ، والإخلاص بالرياء ، والكرامات بالمكر.
وقال سهل : لا تخلطوا أمر الدنيا ، بأمر الآخرة.
( واستعينوا بالصبر والصلاة ) أي : استعينوا بالصبر في طلب المقامات ، والصلاة في طلب المشاهدات ، أيضا استعينوا بالصبر في تزكية الأشباح ، وبالصلاة في تربية الأرواح.
Shafi 47