وقال سهل : أسبل عليهم ستر شقاوة ، فصموا عن سماع الحق ، وعموا عن ذكره (1).
( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين (8)) : هؤلاء أهل الدعاوى الذين يزينون ظواهرهم بشعار المخلصين ، ويخربون بواطنهم بسوء أخلاق المنافقين ، كلامهم كلام الصديقين ، وأفعالهم أفعال المكذبين.
وقيل : إن الناس اسم جنس ، واسم الجنس لا تخاطب به الأولياء.
وقال بعضهم : ليس الإيمان ما يتزين العبيد قولا وفعلا ، لكن الإيمان جري السعادة في سابق الأزل ، وأما ظهورها على الهياكل ، فربما يكون عوارض ، وربما يكون حقائق.
( يخادعون الله والذين آمنوا ) أي : يخادعون أولياء الله من حيث إقرار الإيمان بالقلوب ، وإخفاء التداهن في النفوس ، ( وما يخدعون إلا أنفسهم ) حين لا يعلمون تفرس أهل الولاية ، فيفتضحون عندهم ، وأما خدعهم مع أهل الإيمان ، من حيث الظواهر قولا وفعلا ، ودسائسهم في البواطن حقدا وبعدا.
وأيضا يخادعون الله بالفرار ، والذين آمنوا بالإقرار.
وقال بعض العراقيين : الخداع والمكر تنبيه من جهة شهود السعايات ، والالتفات إلى الطاعات ؛ كي لا يعتقد فيها بأنها أسباب الوصول الحق كل.
( في قلوبهم مرض ) أي : رعونة تشغلها بقبول الحق ، وتلهيها بقبول الخلق.
وأيضا أي : غفلة عن ذكر العقبى ، وهمة مشغولة بحب الدنيا ، ( فزادهم الله مرضا ) بتبعيدهم من قربه ، وتشغيلهم عن ذكره.
وقيل : في قلوبهم مرض ، بخلوها من العصمة والتوفيق والرعاية.
وقال بعضهم : بميلهم إلى نفوسهم ، وتعظيم طاعتهم عندهم ، ومن مال إلى شيء ، عمى عن غيبه ، فزادهم الله مرضا ؛ بأن حسن عندهم قبائحهم ، فافتخروا بها.
وقال سهل : «المرض» : الرياء والعجب وقلة الإخلاص ، وذلك مرض لا يداوى إلا
الثاني : أنه مجاز عبارة عن خلق الضلال في قلوبهم وأن ما خلق الله في قلوبهم من الكفر والضلال والإعراض عن الإيمان سماه ختما.
الثالث : إنه مجاز في الإسناد كما يقال : أهلك المال فلانا وإنما أهلكه سوء تصرفه فيه.
قال ابن عرفة : وسكت ابن عطية عن هذا الثالث وهو إنما يناسب مذهب المعتزلة ولما جاءت الآية مصادمة لمذهبهم تأولها الزمخشري وأطال وقال : إنه مجاز واستعارة.
Shafi 34