( أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون (5)) أي : أولئك على حقيقة يقين ، متصلة بأنوار المعرفة ، أن الله تعالى بلا معارضة النفس ، وريب الشيطان ، مفلحون من مكائدهما ووساوسهما.
وأيضا مفلحون من الله بالله.
وقيل : أولئك الذين لزموا طريق المفاصلة بالانفصال عما سوى الحق ما فلحوا فانقطع الحجب عن قلوبهم فشاهدوا.
( إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون (6)) أي : إن الذين احتجبوا عنا بحظوظ البشريات سواء عندهم إنذارك بقطيعتنا عنهم ، وتخويفك بعقوبتنا عليهم ؛ لأنهم في مهمة الغفلة عن مباشرة المعرفة ، لا يقرون باللقاء والمشاهدة ؛ لاستغراقهم في بحار الشهوة.
وقيل : إن الذين ضلوا عن رؤية منني عليهم في الشبق سواء عندهم من شاهد الأعواض في خدمتي ، ومن شاهد المعوض لا تخلص سرائرهم ، ولا يثبت لهم الإيمان الغيبي ، وإنما إيمانهم على العبادة.
( ختم الله على قلوبهم ) أي : ما نظر إليها منذ خلقها ، فحرم عليها أنوار ذكره ، ومواصلة إلهامه.
( وعلى سمعهم ) أي : على سمعهم وقر الضلال ، فلم يسمعوا حقائق الخطاب ، ( وعلى أبصارهم غشاوة ) أي : على أبصارهم غطاء القصر ، فلم يبصروا بها طراوة صفة الصانع في الصنع ، ولم يتفرسوا بالبصائر ما كشف الله لأهل الإيمان من ملكوت السماوات والأرض.
( ولهم عذاب عظيم ): عذابهم بعدهم عن قرب مولاهم حتى لم يدركوا بركات كراماته.
وقيل : أهل البصر نظروا من الله إلى الأشياء ، فشاهدوها في أسرار القدرة ، وأهل النظر استدلوا بالأشياء على الله ، فحجبهم عقولهم ، واستدلالاتهم عن بلوغ كنه المعرفة بالله.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : «طبع الله على قلوبهم برؤية أفعالهم بمعاونة النفوس ، حتى كفروا سرا ، وآمنوا علانية».
قال جعفر الصادق : الختم على وجوه : منهم من ختم على قلبه برؤية فعله ، ومنهم من ختم على قلبه برؤية الأعواض ، ومنهم من ختم قلبه بالإسلام ، ومنهم من ختم قلبه بالإيمان ، ومنهم من ختم قلبه بالمعرفة ، ومنهم من ختم قلبه بالتوحيد ، فكل واقف مع ذلك الختم.
Shafi 33