141

A Bakin Kofar Zuwayla

على باب زويلة

Nau'ikan

الفصل الرابع والثلاثون

غبار الحرب

قال عز الدين البزاز لأصحابه وهم جلوس على مصطبة دكانه في سوق مرجوش: إن الشر والله ليتربص بنا من سوء تدبير أولئك الجركس، فهذه خيل العدو على باب الديار، ولا يزالون مختلفين لا يريدون أن يخفوا للدفاع إلا والسيف في رقابهم.

قال أبو بكر الرماح: إنه المال وشهوة الإمارة، فلا ترى جنديا منهم يرضى أن يخرج للحرب إلا إذا ضاعف له السلطان الرزق، ولا ترى سيدا إلا طامعا في ولاية يتولاها أو إمارة يتأمر عليها قبل أن يأخذ أهبته لقيادة عسكره، وإني لأعجب للسلطان طومان باي كيف رضي أن يحمل أعباءها وليس حوله إلا هؤلاء الحمقى، يوشكون بسوء تدبيرهم أن يسلموه إلى عدوه ويبيحوا الروم في أرض الوطن، كأنما خيل إليهم أن سيكونون تحت راية الروم سادة، وما لهم والله عند ابن عثمان إلا السيف!

قال أرقم الرمال وقد بلغ منه الغيظ: فهل كانت مصر لهؤلاء الجركس وحدهم حتى يكون عليهم وحدهم عبء الدفاع، فأين المصريون، والعربان، وفتيان الزعر، ولماذا لا يكتبون كتائبهم للدفاع عن حريمهم والذود عن بلادهم، وإنهم لأهل لأن يردوا جيش الروم فلولا مبعثرة على أديم الصحراء لو اجتمعت عزيمتهم؟

قال عز الدين: هذا هو الحق، فما طرق هذا العدو بلادنا من أجل الجركس، بل من أجل مصر، وما هؤلاء الجركس في مصر؟! هل هم إلا قلة حاكمة لا يعنيها إلا حظها من ترف العيش وأسباب التنعم، ولو مات هذا الشعب ووطئته الخيل وهتك حريمه جند العدو؟! وإنما علينا نحن واجب الدفاع عن حريمنا وعيالنا وأموالنا وعن أرض هذا الوطن.

قال أبو البركات الأعرابي ساخرا: وعن عرش السلطان!

قال أرقم محتدا: نعم، وعن عرش السلطان، فهلا قلتها يا أخا العرب وعلى العرش قنصوه الغوري، ومن سبقه من السلاطين الذين أكلوا هذا الشعب لحما وشحما، وتركوه عظما معروقا على الطريق، فإن على عرش مصر اليوم رجلا غير أولئك، فلولا هذه الفتنة الناشبة لرأيتم كيف ينهض بالحكم فيسوسها سياسة عمر.

قال الأعرابي: ومن لنا بأن يظل طومان باي على العرش فلا يخلعه جان بردي الغزالي أو خاير بك، وإن شيوخ الأمراء ليتربصون به والعدو على الأبواب يتربص بنا وبهم؟!

قال أرقم: فإننا نستطيع أن نحمي سلطاننا من غدر أولئك الأمراء، ونحمي مصر من ذلك العدو.

Shafi da ba'a sani ba