الباب الثامن والثمانون: في الامتناع عما يضر بالبدن من
المأكولات وغيرها
(قال الفقيه) رحمه الله تعالى: إن البدن في أيام الخريف والشتاء أقوى لحمل الطعام لأن المعدة تسخن فيهما فتنضج الطعام. وفي الصيف والربيع تبرد المعدة فتضعف عن حمله ليردها وتقل قوتها عن الإنضاج. ويقال الإكثار من شرب الماء البارد في أيام الصيف أقل ضررا وفي أيام الشتاء أكثر ضررا، فينبغي أن يقلل منه في أيام الشتاء. وينبغي للرجل أن يحترز عن شرب الماء بالليل بعد ما نام فإن ذلك يبرد المعدة فيخاف منه العلل والأمراض إلا أن يكون الرجل غلبت عليه الحرارة أو كان به حمى وإذا أراد النوم وهو ممتلئ الجوف فينبغي أن ينام أولا على يمينه لموافقة السنة ثم يتحول إلى اليسار فإن ذلك أهضم للطعام. والحركة والتقلب من جانب إلى جانب أنفع. وينبغي للرجل أن لا ينام على امتلاء معدته فإنه يقسي القلب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أذيبوا طعامكم بالصلاة ولا تناموا عليه فتقسو قلوبكم)) ولا ينبغي للرجل أن ينام على بطنه إلا من عذر. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ((أنه رأى رجلا مضجعا على بطنه فركضه برجله وقال لا تضطجع هكذا فإن هذه ضجعة يبغضها الله تعالى ولو أن رجلا كان ممتلئا وهو يخاف وجع البطن فلا بأس أن يجعل وسادة تحت بطنه وينام عليها لأن ذلك حال عذر والضرورات تبيح المحظورات ثم عليه أن يتوب من كثرة الأكل. ويقال: إن شرب الماء البارد قبل الطعام يطفئ نار المعدة وشربه عبد الطعام يسخن المعدة ويسمن البدن، وإذا أكل الرجل فاكهة مثل التفاح والمشمش والعنب والزبيب ونحو ذلك فلا ينبغي له أن يشرب الماء على أثره فإن ذلك يفسد المعدة، وينبغي أن ينتظر بعد كل أكلة ساعة أو ساعتين أو أكثر ثم يشرب الماء فإنه أقل ضررا، وإذا أكل أرزا حارا أو شيئا من الحلو فلا يشربن على أثره باردا فإن ذلك يضر بالأسنان فإذا أراد شربه فيأكل لقمة أو لقمتين من الخبز ثم يشرب فإن ذلك أقل ضررا. ويقال أكل الخبز الحار مع الحوت يتولد منه الديدان في البطن.
Shafi 369