الباب السابع والثمانون: في الطب
(قال الفقيه) رحمه الله: يستحب للرجل أن يعرف من الطب مقدار ما يمتنع عما يضر ببدنه. وقال الحكماء: العلم علمان علم الأديان وعلم الأبدان؛ فكما أن الرجل لا بد له من تعلم العلم مقدار ما يصلح به أمر دينه فكذلك لا بد له من أن يعرف من الطب مقدار ما يصلح به بدنه ويجتنب عما يضره فإن من المروءة أن يمتنع عما يضر ببدنه. وقد أجمع الأطباء أنه ليس شيء من الطب أنفع من الحمية، فقد روي عن بعض الصحابة أنه قال لرجل: ألا أعلمك طبا تتعايا فيه الأطباء، وعلما تتعايا فيه العلماء، وحكمة تتعايا فيها الحكماء؟ قال: بلى، قال: أما الطب الذي تتعايا فيه الأطباء فاجلس على المائدة وأنت جائع وقم عنها وأنت تشتهيه، وأما العلم الذي يتعايا فيه العلماء فإذا سئلت عن شيء لا تعلم فقل الله أعلم، وأما الحكمة التي تتعايا فيها الحكماء فإذا جلست في نادي قوم فاسكت فإن أفاضوا في الخير فأفض معهم وإن أفاضوا في الشر فقم عنهم وقيل لرجل من المتقدمين ممن طال عمره بم طال عمرك؟ قال: لأنا كنا إذا طبخنا أنضجنا، وإذا مضغنا دققنا، ولا نملأ بطوننا ولا نخليها. ويقال أنفع ما يكون للإنسان بعد ما تغدى التمدد وبعد ما تعشى الحركة والمشي. ويقال في المثل إذا تغدى فتمدى يتبدى، وإذا تعشى فتمشى يتغشى. وروى الزهري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال خمس يورثن النسيان: أكل التفاح يعني الحامض منه والبول في الماء الراكد، والحجامة في نقرة القفا وإلقاء القملة في التراب، وشرب سؤر الفأرة الفاسقة. ويقال قراءة ألواح القبور، وأكل الكزبرة، والمشي بين الجملين المقطورين، والمشي بين المرأتين يورث النسيان.
وروى الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((عليكم بالسواك فإن فيه عشر خصال: مطهرة للفم، ومرضاة للرب، ومفرحة للملائكة، ومجلاة للبصر ويبيض الأسنان، ويشد اللثة، ويذهب الحفر، ويهضم الطعام، ويقطع البلغم، وتحضره الملائكة، وتضاعف فيه الصلاة، ويرغم الشياطين)) ويقال: من انتعل بنعل أصفر لم يزل في غبطة وسرور لقوله تعالى: {صفراء فاقع لونها تسر الناظرين} وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من تختم بعقيق لم يزل في بركة وسرور)) ويقال: من كنس بيته بخرقة فإنه يورث الفقر، ومن منع خميرته فإنه يورث الفقر، ومن لم ينظف بيته من بيت العنكبوت فإنه يورث الفقر، ومن لم ينظف الإسطبل من بيت العنكبوت فإنه يهزل الدواب، ويقال: النظر إلى الخضرة والماء الجاري والوجه الحسن ووجه الوالدين، وفي الصلاة إلى موضع السجود وإلى الأترج وإلى الحمام الأحمر يجلي البصر، ويقال للنار في الشتاء خمس خصال: تدالع البرد، وتحسن الوجه، وتمري الطعام، وتذهب العناء والغي، وتؤنس عند الوحشة، وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: من أراد البقاء ولا بقاء فليباكر الغداء وليؤخر العشاء ، وليخفف الرداء، وليقل من غشيان النساء. قيل وما خفة الرداء؟ قال قلة الدين.
Shafi 368