(قال الفقيه) أبو الليث رحمه الله: ينبغي للقاضي أن يسوي بين الخصمين في المجلس والنظر وفي غيره كما جاء في الأثر. روت أم سلمة رضي الله تعالى عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((إذا ابتلي أحدكم بالقضاء فليسو بين الخصمين في المجلس والإشارة والنظر ولا يرفع صوته على أحد الخصمين أكثر مما على الآخر، وينبغي للقاضي أن يكون في قضائه فارغ القلب)) وقد روى أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يقض القاضي إلا وهو شبعان ريان)) وروي عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه كتب إلى ابنه وكان قاضيا بسجستان: أن لا تقض بين اثنين وأنت غضبان فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((لا يقض القاضي بين اثنين وهو غضبان)) وقال الحسن البصري رحمه الله: أخذ الله تعالى على الحكام بثلاثة أشياء: أن لا يتبعوا الهوى، وأن يخشوا الله تعالى ولا يخشوا الناس ولا يشتروا بآيات الله ثمنا قليلا، ثم تلا قوله تعالى {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} وقرأ قوله تعالى {فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا} وقرأ أيضا {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم} إلى قوله {ففهمناها سليمان} ثم قال الحسن: لولا ما ذكر الله تعالى من أمر هذين لرأيت أن القضاة قد هلكوا، ولكن الله أثنى على هذا بعلمه وعذر هذا باجتهاده.
الباب السابع عشر: في فضل تعلم القرآن وتعليمه
Shafi 316