(قال الفقيه) أبو الليث رحمه الله: ينبغي أن لا يؤخذ العلم إلا من أمين ثقة لأن قوام الدين بالعلم، فينبغي للرجل أن لا يأتمن على دينه إلا من يجوز أن يؤتمن على نفسه. وروى عباد بن كثير عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تحدثوا ممن لا تقبلون شهادته)) وعن محمد بن سيرين قال: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. وعن المحسن أنه قال: من قال قولا حسنا وعمل عملا سيئا فلا تأخذوا عنه علما ولا تعتمدوا عليه، فإن قيل أليس قد روى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: العلم ضالة المؤمن حيثما وجده أخذه)) قيل له حيثما وجده أخذه إذا كان الذي أخبره به ثقة وكلامه ينجع، وأما إذا كان الذي أخبره به غير ثقة فلا يأخذه منه، ولو أن رجلا سمع حديثا أو سمع مسألة فإن لم يكن القائل ثقة فلا يسع أن يقبل منه إلا أن يكون قولا يوافق الأصول فيجوز العمل به ولا يقع به العلم، وكذلك لو وجد حديثا مكتوبا أو مسألة فإن كان موافقا للأصول جاز له أن يعمل به وإلا فلا. وروى عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حديث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين)).
الباب التاسع: في إباحة مجلس العظة
Shafi 310