يحسن لمن أساء إليه، ويتجاوز عن من قدر عليه، وعدم سرعة غضبه ما لم يكن في حق الله تعالى وحق رسوله ﷺ، وعُرف كذلك بصبره على المحن والحوادث البدنية والمالية، وأنَّه غاية في السماحة والسخاء والبذل مع قصد خفاء ذلك، وشفقته على خلق الله تعالى وإحسانه للغرباء، ولا سيما أهل الحرمين، وابتكاره لهم في أوقافهم المستجد والقدوم، مما كثر الترحم عليه بسببه، وتميز ببره لشيوخه وأبناءهم، بل بطلبته وأصحابه وخدمه، وتميز كذلك عن كافة أهل عصره لمزيد التبسط في عارية الكتب، وحسن عشرته وتواضعه وحلو محاضرته وشدة خوفه من الله تعالى، وجمع العمل مع العلم (١)، وغيرها من الأوصاف الحميدة، فلله دره.
وفاته:
وبعد حياة حافلة في التعلم والتعليم فاضت الروح الطاهرة إلى بارئها وانتقلت إلى جوار ربها الكريم، ففي ليلة السبت الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وثمانمئة فارقت الروح هذا الجسد الذي طالما أضناه التعب في سبيل خدمة هذا الدين.
وحضر تشييعه جمع كبير من أهل القاهرة، ودُفن في القرافة الصغرى (٢).
وقبره الآن يقع على مسافةٍ تقدر بحوالي (١٥٠٠ م) من مقام الإمام الشافعي، ذكر ذلك الدكتور شاكر محمود عند زيارته له (٣).
ولفقد هذا العَلَم الكبير أنَّتِ الأقلامُ والكتبُ، ورثاه المحبون، وممن رثاه
_________
(١) الجواهر والدرر: ٣/ ٩٧٩ - ٩٨٠.
(٢) المصدر السابق.
(٣) ابن حجر ودراسة مصنفاته: ١٩١.
1 / 22