Bayan Sarih
البيان الصريح والبرهان الصحيح في مسألة التحسين والتقبيح
Nau'ikan
الثاني: أن أفعال العباد واقفة بقدرة الله تعالى وإرادته، ولا تأثير لقدرة العبد فيها فيلزم من هذا التكليف بما لم يطاق، والحق أن تكليف ما لا يطاق محال لوجهين:
الأول: أنه عبث كما يؤمر الأكمه بنقد المصحف، والزمن بالطيران، والعبث على الحكيم القادر الغني محال.
فإن قلت: لا نسلم العبث إلا بجواز أن تكون فائدته الابتلاء للبشر والكراهة فيطيع المستبشر ويعصى الكاره؛ لأن التكليف بما لايطاق عبثا وتارة لمصلحة تنشأ من نفس التكليف لا من الامتثال كالابتلاء بالبشر والكراهة.
قلت: هذه الفائدة تحسن من تكليف ما لا يطاق مع زيادة الامتثال فيكون عبثا في تكليف ما لا يطاق، وأيضا البشر والكراهة غير مقدرين كما يجب، فحينئذ يكل العبث.
الثاني: احتج الخصم بوجوه:
الأول: الله تعالى أمر الكافر بالإيمان وعلم أنه لا يؤمن لامتناع الجهل على الله تعالى والإيمان منه محال إذ لو فرضنا وقوعه لزم إنقلاب علم الله جهلا، وكلما لزم من فرض وقوعه محال فهو محال، ومع ذلك كلفه بالإيمان.
والجواب: أن الله علم أنه لا يؤمن باختياره وحينئذ يكون مقدورا له ولا يلزم إنقلاب علم الله جهلا، ونقول الإيمان تابع لعلمه تعالى، وعلمه تابعا بعدم الإيمان، وعدم الإيمان تابع للقدرة فيكون امتناع الإيمان تابعا للقدرة، وامتناع الشيء للقدرة لا ينافي القدرة بل يحققها، وأيضا يلزم من دليلكم ألا يكون الله تعالى قادرا وهو باطل فكذا ما ذكرتم.
Shafi 149