133

Bayan Sarih

البيان الصريح والبرهان الصحيح في مسألة التحسين والتقبيح

Nau'ikan

Fikihu Shia

قال ابن القيم رادا لقول من أنكر قياس الغائب على الشاهد: في مثل هذا قولكم إن غاية هذا أن يدل على قبح الكذب وحسن الصدق شاهدا ولا يلزم منه حسنه وقبحه غائبا إلا بطريق قياس الغائب على الشاهد، وهو باطل لوضوح الفرق وإسنادكم في الفرق إلى ما ذكرتم من تخلية الله بين عباده يموج بعضهم في بعض ظلما وفسادا، وقبح ذلك شاهد، فيالله العجب كيف يجوز العقل التزام مذهب يلزم معه جواز الكذب على رب العالمين وأصدق القائلين؟ وأنه لا فرق أصلا بالنسبة إليه بين الصدق والكذب بل جواز الكذب عليه سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا، كجواز حسنه كحسنه، وهذا الأمر من أعظم الإفك والباطل، ونسبته إلى الله تعالى جوازا كنسبة ما لا يليق بجلاله إليه من الولد والزوجة والشريك، بل كنسبة أنواع الظلم والشر إليه جوازا تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فمن أصدق من الله حديثا، ومن أصدق من الله قيلا، وهل هذا إلا الإفك المفترى الرافع للموثوق بأخبار وعده ووعيده، ويجوز عليه وعلى كلامه ما هو أقبح من القبائح التي ينزه عنها بعض عبيده، ولا يليق به فضلا عنه سبحانه فلو التزم كل ذم يلزم مثبتي الحسن والقبح العقليين لكان أسهل من التزام الأذى الذي تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا، ولا يشبه في القبح بين الولد والشريك والزوجة وبين الكذب، ولهذا فطرالله عقول عباده على الإزراء والذم والمقت للكاذب دون من له زوجة وولد وشريك، فتنزيه أصدق القائلين عن هذا القبيح كتنزيهه عن الولد والشريك والزوجة، بل لا نعرف أحدا من طوائف العالم جوز الكذب على الله لما فطر عقول البشر وغيرهم على قبحه، ومقت فاعله وخسته ودناءته، ونسب إليه طوائف المشركين الشريك والولد بما لم يكن قبحه عندهم كقبح الكذب، وكفى بمذهب بطلانا وفسادا هذا القول العظيم والإفك المبين لازمه، ومع هذا فأهله يتحاشون من التزامه فلو التزم القائل أن مذهب الذم كان خيرا له من هذا.

Shafi 144