ومنزلٍ قبح من منزلٍ ... النتن والظلمة والضيق
كأنني في وسطه فيشة ... ألوطه والعرق الريق
وكان ابن شرف أعور أصلع، فقال: ابن رشيق يداعبه على طريق الإجازة:
وأنت أيضًا أعور أصلع ... فوافق التشبيه تحقيق
ولو قال ابن شرف: كأنني في وسطه فيشة في فقحة ... لكان أوضح في تشبيه المنزل.
قال علي بن ظافر
وأخبرني القاضي الأعز بن المؤيد ﵀، بما هذا معناه: أنه كان عند أبي المعالي بن الشماس كاتب القاضي الأسد ابن مماتي في ليلة اصطلى فيها بالجمر، من كئوس الخمر، واجتلى بها النجوم الزهر، من مجتنى نجوم الزهر؛ قال: فأفضت في ذمها، وذكر عظيم إثمها، ثم ندمت على ما فرط، واعتذرت اعتذار من فرط، فقلت:
شربتم قهوةً وشربت ماءً ... فأغناني اللجين عن النضار
ومن بانت أحبته وساروا ... تعلل بالتشاغل بالديار
ثم استجزته فقال:
وكنت نظيركم بالشم منها ... ولكني سلمت من الخمار
قال علي بن ظافر
بتنا ليلةً على المقياس عند مبالغة النيل في نقصه واحتراقه، وانفراجه عما لم يزل مستورًا من أرصفه وانفراقه، والمراكب قد انتظمت في لبته، ور كدت بالإرساء فوق لجته، وأحاطت به إحاطة المحيط بنقطته، وسفهاء الرياح تعبث بها حتى كادت تذهب بورقها، وأجسادها قد لبست لفقد الماء حداد قارها وهي في أوكارها، من المراسي مزمومة، وأجنحة قلوعها لعارض الليل مضمومة، فقلت بديهًا:
أو ما ترى المقياس قد حفت به ... سود المراكب فوق ظهر اللجة
يسمو وقد حفت به كقلادةٍ ... سبحيةٍ في لبةٍ فضية
واستجزت القاضي الأعز بن المؤيد ﵀ فقال:
وكأنه حصن عليه عسكر ... للزنج لف بنوده للحملة
ومنه إجازة بيتين بأكثر من بيت كما روى العباس ابن الفضل بن الربيع
قال: غضب الرشيد على جارية له، فحلف لا يدخل إليها، ثم ندم فقال:
صد عني إذ رآني مفتن ... وأطال الصد لما أن فطن
1 / 66