كان مملوكي فأضحى مالكي ... إن هذا من أعاجيب الزمن
ثم قال لجعفر بن يحيى: اطلب لي من يزيد في هذين البيتين؛ فقال: ليس لهما إلا أبو العتاهية - وكان محبوسا - فبعثوا إليه، فكتب إلى الرشيد:
يا بن عم النبي سمعًا وطاعةً ... قد خلعنا الكساء والدراعة
ورجعنا إلى الصناعة لما ... كان سخط الإمام ترك الصناعة
فأمر بإطلاقه وصلته، فقال: الآن طاب القول؛ ثم قال يجيزهما:
عزة الحب أرته ذلتي ... في هواه وله وجه حسن
فلهذا صرت مملوكًا له ... ولهذا شاع ما بي وعلن
فقال الرشيد: أحسنت والله وأصبت ما في نفسي، وأضعف صلته.
وذكرها الصولي في الأوراق بقريب من هذا، وأنه كتب إليه لما أمر بالإجازة يقول:
ضعف المسكين عن تلك المحن ... لهلاك الروح منه والبدن
ولقد كلفت شيئًا عجبًا ... زاد في النكبة واستوفى المحن
قيل فرحنا وأبى فرح ... أن يوافيني في بيت الحزن
ولم يذكر العينية: وأما يزيد بن محمد المهلبي فإنه روى البيتين اللذين هما على قافية العين لموصولين بالهاء لإسحاق الموصلي، وذلك أنه كتب بهما إلى المأمون، وكان قد ترك الغناء والمنادمة فسجنه.
وذكر محمد بن جرير الطبري في تاريخه الكبير
قال: خرج كوثر خادم الأمين لينظر الحرب أيام محاصرة طاهر بن الحسين وهزيمة ابن أعين لبغداد، فأصابه سهم غرب فجرحه، فدخل على الأمين وهو يبكي لألم الجراحة، فلم يتمالك الأمين أن جعل يمسح عنه الدم ويقول:
ضربوا قرة عيني ... ومن أجلي ضربوه
أخذ الله لقلبي ... من أناسٍ أوجعوه
ثم ارتج عليه، فاستدعى الفضل بن الربيع، وأمره بإحضار شاعر يجيز البيتين، فاستدعى لذلك عبد الله بن محمد بن أيوب التيمي، وأنشدهما له فقال:
ما لمن أهوى شبيه ... فبه الدنيا تتيه
وصله حلو ولكن ... هجره مر كريه
1 / 67