وأرتج علي، فلم أستطع أكمل البيت، فاستجزت القاضي تاج الدين ابن الجراح، فقال:
فمسحت في منديل كم مذهب
ومنه إجازة بيتين ببيت
فمن ذلك ما روى لنا أن أبا دلامة زيد بن الجون مولى بني أسد دعا السيد الحميري إلى منزله، فبكت ابنة له، فحملها على عاتقه، فبالت عليه فوضعها مغضبًا، وقال:
بللت علي لا حييت ثوبيفبال عليك شيطان رجيم
فما ولدتك مريم أم عيسى ... ولا رباك لقمان الحكيم
ثم استجاز السيد الحميري، فقال:
ولكن قد تضمك أم سوءٍ ... إلى لباتها وأب لئيم
فضحك أبو دلامة وقال: عليك لعنة الله؛ ما دعاك إلى هذا كله! ثم حلف لا ينازعه بيتًا بعدها، فقال له السيد: يكون الهرب من جهتك لا من جهتي.
وقد روى أبو الفرج هذه الحكاية بإسناد ينتهي إلى علي بن إسماعيل؛ قال: كنت أسقي أبا دلامة والسيد ... ولم يذكر سوى البيت الثاني من بيتي أبي دلامة.
ورواها أبو الفرج أيضًا بإسناد ينتهي إلى الهيثم بن عدي، وأنها كانت بين أبي دلامة وأبي عطاء السندي، وأن أبا عطاء أجاز بيته بأن قال:
صدقت أبا دلامة لم تلدها ... مطهرة ولا فحل كريم
ولكن قد حوتها أم سوءٍ ... إلى لباتها وأب لئيم
وعلى هذه الرواية تدخل في باب المجاوبة.
وذكر ابن رشيق في كتاب الأنموذج
قال: اجتمعت بأبي حديدة الشاعر يومًا وأنا سكران، فسألني عن حال المكان الذي كنت فيه، فوصفته له، وأفضت بي صفته إلى ذكر غلام كان ساقيًا، فقلت في عرض الكلام ولم أرد الوزن:
فشربتها من راحتي ... هـ كأنها من وجنتيه
وكأنها في فعلها ... تحكي الذي في ناظريه
وقلت له: أجز، فقال:
وشممت وردة خده ... نظرًا ونرجس مقلتيه
فقلت له: أحسنت في شمك بالنظر؛ كما سمع أبو الطيب بالبصر حيث يقول:
كالخط يملأ مسمعي من أبصرا
واجتمع أبو عبد الله بن شرف الجذامي يومًا بأبي علي بن رشيق فوصف له منزلًا ضيقًا كان فيه، ثم صنع في صفته
فقال:
1 / 65