ثم أكدى، فمر به النابغة الذبياني فقال له: أجز يا أبا أمامة، وأنشده فأكدى لنابغة، وأقبل كعب بن زهير، وإنه لغلام، فقال له أبوه: أجز يا بني، فقال: وما أجيز؟ فأنشده فقال:
وتمنع جانبيها أن يزولا
فضمه زهير إليه وقال له: أنت ابني حقًا
ومن ذلك، ما رواه إسحاق الموصلي
قال: ولد للفضل بن يحيى بن خالد مولود، فدخل عليه أبو النضير عمر بن عبد الملك ولم يكن علم الخبر، فلما مثل بين يديه ورأى الناس يهنئونه نثرًا ونظمًا وقف وأنشد ارتجالًا:
ويفرح بالمولود من آل برمكٍ ... بغاة الندى والسيف والرمح والنصل
وتنبسط الآمال فيه لفضله
ثم أرتج عليه، فلم يدر ما يقول، فقال الفضل يلقنه:
ولا سيما إن كان من ولد الفضل
فاستحسن الناس بديهته، وأمر لأبي النضير بصلة.
أنبأني الشيخ الفقيه النبيه أبو الحسن علي بن الفضل المقدسي
قال: أنبأني الفقيه أبو القاسم مخلوف بن علي القيرواني، عن أبي عبد الله محمد بن أبي سعيد السرقسطي عن أبي عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي، قال: أخبرني أبو زكريا يحيى بن علي الأنصاري فيما أظن، وقد كتبت منه - قال: أخبرني عمر بن الصيرفي المقري، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله عن أبيه، أنه سمع أبا عمرو الكلبي قال: كنت جالسًا عند أبي عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه، فأتاه من بعض إخوانه طبق فيه أنابيب من قصب السكر، وكتاب معه، فحول ابن عبد ربه الكتاب، وجاوبه بديهة وكتب في الجواب:
بعثت يا سيدي حلو الأنابيب ... عذب المذاقة مخضر الجلابيب
كأنما العسل الماذي شيب به
قال الكلبي: ثم توقف، فقال: يا كلبي، أجز هذا البيت فإني لا أجد له تمامًا، فقلت:
لا بل يزيد على المازي في الطيب
فقال: أحسنت يا كلبي، ثم أخذ القلم وأراد أن يكتبه على ما قلت، ثم كره الاستعارة فأطرق قليلًا ثم قال:
أو ريق محبوبةٍ جادت لمحبوب
قال الكلبي: فقمنا وقبلنا رأسه سرورًا منا بقوله.
وأخبرني القاضي السعيد ابن سناء الملك
قال: صنعت:
قد كان لي منديل كم ساذجٍ ... ما جاز مسح يدي به في مذهبي
فاعتضت عنه بخد من أحببته
1 / 64