فقالت له: كذا والله يا أمير المؤمنين أردت أن أقول وعجبت من ذهن المأمون وجودة طبعه.
وأنبأنا الفقيه أبو محمد عبد الخالق المسكي عن السلفي قال
أنبأنا أبو محمد جعفر بن أحمد السراج اللغوي وابن بغلان الكبير، قالا: أنبأنا أبو نصر عبد الله بن سعيد السجستاني الحافظ، قال: أخبرنا أبو يعقوب النجيرمي، حدثنا ابن سيف، قال: حدثنا محمد بن العباس اليزيدي، قال: حدثني عم أبي أحمد بن محمد اليزيدي، قال - واللفظ من رواية أخرى قريب من لفظ هذا الإسناد - قال: دعا المعتصم أخاه المأمون ذات يوم إلى داره، فأتاه فأجلسه في بيت على سقفه جامات، فوقع ضوء الشمس من وراء تلك الجامات على وجه سيما التركي غلام المعتصم، وكان أحسن تركي على وجه الأرض، وكان المعتصم أوجد خلق الله به، فصاح المأمون لأحمد بن محمد اليزيدي، فقال انظر ويلك إلى ضوء الشمس على وجه سيما، أرأيت أحسن من هذا قط! وقد قلت:
قد طلعت شمس على شمس ... فزالت الوحشة بالأنس
فأجز يا أحمد، فقال أحمد:
قد كنت أشنا الشمس من قبل ذا ... فصرت أرتاح إلى الشمس
قال: ففطن المعتصم، فعض شفته لأحمد، فقال أحمد للمأمون: والله يا أمير المؤمنين، إن لم يعلم الأمير حقيقة الأمر منك لأقعن معه فيما أكره. فدعاه المأمون فأخبره الخبر، فضحك المعتصم، فقال له المأمون: أكثر يا أخي في غلمانك مثله، إنما استحسنت شيئًا فجرى ما سمعت لا غير.
وقد وقعت لنا هذه الحكاية بإسنادٍ أخصر من هذا عن ابن سيف، هو مذكور في إجازة قسيم بقسيم.
وحكى صاحب كتاب المقتبس أن الأمير عبد الرحمن ابن الحكم بن هشام صاحب الأندلس
خرج في بعض أسفاره، فطرقه خيال جاريته طروب أم ولده عبد الله، وكانت أعظم حظاياه عنده وأرفعهن لديه، لا يزال كلفًا بها هائمًا بحبها، فانتبه وهو يقول:
شاقك من قرطبة الساري ... في الليل لم يدر به الداري
ثم انتبه عبد الله بن الشمر نديمه، فاستجازه كمال البيت، فقال:
زار فحيا في ظلام الدجى ... أحبب به من زائرٍ سار
وذكر الصولي في كتاب الأوراق برواية تنتهي إلى جعفر بن محمد بن عبد الواحد الهاشمي قال
دخلت على المتوكل على الله لما توفيت أمه معزيًا، فقال:
1 / 50