قال ذو الوزارتين أبو عبد الله بن الخطيب: خص الله بلاد الأندلس من الريع، وغدق السقيا، ولذاذة الأقوات، وفراهة الحيوان، ودرور الفواكه، وكثرة المياه، وتبحر العمران، وجودة اللباس، وشرف الآنية وكثرة السلاح، وصحة الهواء، وابيضاض ألوان الإنسان، ونبل الأذهان، وقبول الصنائع، وشهامة الطباع، ونفوذ الإدراك، وإحكام التمدن والاعتمار، بما حرمه الكثير من الأقطار، مما سواها.
ثم قال: وحديث الفتح، وما فتح الله على الإسلام من المنح، وأخبار ما أفاء الله من خير، على موسى من نصير، وكتب من جهاد، لطارق بن زياد، مملول قصاص وأوراق، وحديث أفول وإشراق، وإرعاد وإبراق؛ وعظم امتشاش. وآلة معلقة في دكان قشاش. انتهى.
ولا خفاء بما كان لملوك المسلمين بالأندلس والعداوة على النصارى. دمرهم الله من الاستطالة والغلبة، حتى وقع التخاذل والتدابر، فأنعكس الأمر. وقد حكي غير واحد أنَّ دن جناحه بن دن افنش، استنصر على أبيه بالسلطان المجاهد أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني، ولاذ به، ورهن عنده تاجه ذخيرة النصارى، ولقيه بصخرة عباد، من أحواز رنده، فسلم عليه،
1 / 61