لا أستطيع إنشاء قول، ولا أفكر إلاّ في هم أو هول؛ إلى ما دهم من الفتن، التي محت ما بالدهر من ازديان؛ وطرق من المحن، التي يغنى عن خبرها العيان؛ فتنوعت منها الأعداد، إلى أفراد وأزواج، وكثر الترداد، من الخطوب ذات الجموع والأفواج؛ وتفاقم وازداد، هول بحورها المتلاطمة الأمواج:
ملنا من الأيام ما لا نطيقه ... كما حمل العظم الكسية العصائبا
وعصر رجوعنا منه إبداء منحة ... فأندى ولكن محنة ومصائبا
وما حال من قرت المصائب عيونه دموعا وجوانحه جوى، ورمته النوائب عن قسى النوى؛ فخلع على الكواكب كراه، وبرح به الشوق وبراه. وقطع ودج صبره وفراه، واعتراه من الدهر ما اعتراه، وضاعف ما به كذب حاسد افتراه؛ يأكل المحاسن، ويجهل بمساويه أن يحاسن؛ ويعيد الحق باطلا، والحلى عاطلا؛ ويقلب النحة محنة، ويرى المصافاة إحنة؛ يخاتل مخاتلة الذيب، ويكدر مناهل الخلوص والتهذيب، ويقابل الحق
1 / 13