فتفكر مليا، ثم قال: إذا نصرني المولى فلن تجد الحارة حاجة إلى أحد بعدي.
ودارت الجوزة كملاك في حلم، وغنى الماء في القنينة، وتثاءب يحيى تثاؤب الانسجام، ثم تساءل: ماذا يبقى لأحدكم إذا وزع الريع بالتساوي؟
فقال صادق: إنما نريد الوقف لنستغله وبذلك تصير الحارة امتدادا للبيت الكبير! - وماذا أعددتم من عمل؟
واختفى ضياء القمر وراء سحابة عابرة فساد الدهليز الظلام، ولكن لم تمض دقيقة حتى انهل الضياء. ونظر يحيى إلى جسم حسن المفتول وتساءل: هل يستطيع ابن عمك أن يهزم الفتوات؟
وإذا بقاسم يقول: إني أفكر جادا في مشاورة محام شرعي!
فصاح يحيى: أي محام يقبل أن يتحدى الناظر رفعت وفتواته؟
واختلط ذهول الكيف بوجوم الفكر. ورجع الأصدقاء الثلاثة فيما يشبه القنوط. وعانى قاسم في خلواته مر العذاب، وركبه الهم والكدر حتى قالت له قمر ذات يوم: ما ينبغي أن نهتم بسعادة الناس إلى حد إشقاء أنفسنا!
فقال بحدة: ينبغي أن أكون عند حسن الظن الذي وضع في. - ماذا أنت فاعل؟ لماذا لا تتزحزح عن حافة الهاوية؟ هاوية اليأس المليئة بالصمت والركود، مقبرة الأحلام المغطاة بالرماد، ذئب الذكريات الجميلة والأنغام المطربة، طارحة الغد في كفن الأمس.
لكنه دعا يوما صادق وحسن إليه وقال لهما: آن لنا أن نبدأ!
فتهلل وجهاهما وقال حسن: هات ما عندك.
Shafi da ba'a sani ba