204

Articles from Dorar.net

مقالات موقع الدرر السنية

Mai Buga Littafi

موقع الدرر السنية dorar.net

Nau'ikan

٧ - وكون السلفية منهجًا لا جماعة لا يعني أنه كل الاجتهادات والتفسيرات مقبولة ومعتبرة في المنهج السلفي؛ فالسلفية منهج له أصوله وثَمَّ مساحة واسعة للاجتهاد في محيطه، فسعة منهجه وثراء مقولاته لا تؤدي إلى النسبية المطلقة وغياب الحدود الفاصلة التي تكشف الاجتهادات المقبولة داخل المنهج السلفي والاجتهادات المخالفة له. ٨ - إن النقد الموجَّه للسلفية يجب أن يفرَّق فيه بين النقد الموجَّه للجماعات والأفراد المنتسبين للسلفية؛ فهذا نقد مقبول ومعتبَر شريطة أن يكون عادلًا وأن يكون النقد لأفعال السلفيين لا إلى نفس السلفية، والسلفيون هم أَوْلى الناس بضرورة الوعي بأهمية الاستفادة من نصح الناس ونقدهم وتقويمهم؛ حتى لو بدر ممن يحمل مواقف عدائية أو بطريقة خاطئة فيستفاد من نقده ولن يضرَّهم قصدُه. هل سيتوقف الهجوم على السلفية حين تتميز (منهجًا) لا (جماعة)؟ بالتأكيد لا. فإن اعتماد المنهج السلفي على (النص الشرعي) محورًا مركزيًا للانطلاق، وارتباطه بـ (السلف الصالح) في فهم هذا النص وتفسيره، يجعله المنهج الصحيح لفهم الإسلام وتطبيقه، وهو ما يجعل النفوس تهفو وتنجذب إليه؛ فالنفوس المسلمة متعطشة إلى الرجوع إلى هويتها ودينها وقيمها بفهمه الصحيح؛ فأكثرية الناس تبحث عمَّا يريده الله وتسأل عن المنهج والمسلَك الذي ينجيها في الآخرة، وليسوا مهمومين بمنهجية (التكيف مع الواقع) و(تبرئة الإسلام من الشبهات) ومحاولة إقناع المسلمين (بصلاحية دينهم لكل زمان ومكان)، فأكثرية المسلمين ليسوا بحاجة إليها كثيرًا، وما هي إلا زيادة بصيرة ونور، وهذا (الوضوح) و(العمق) هو ما يجعل (المنهج السلفي) مخيفًا ومرعبًا لكثير من المنحرفين والزائغين الذين لن تتوقف مراجل الحَنَق في قلوبهم من الغليان. المنهج السلفي يربي في أتباعه خصائص الشموخ والعزة بالإسلام رسالةً وحضارةً؛ فشتَّان بين من (يقرأ النص ليعرف مرادَه ليسير على هديه) كما هي خاصية المنهج السلفي، وبين من يبحث عن (تحقيق مراده من خلال النص) كما هي خاصية كثير من المناهج العَلمانية والتلفيقية. وشتان بين من (يبحث في النص وهو يعتقد أن ثَمَّ معنى شرعيًا محددًا يريده الله)، وبين من يرى (أن الحقائق نسبية، وأنه لا وجود لمن يمتلك الحقيقة المطلقة) كما هي حالة التيه التي تعبث بكثير من أهل هذا العصر. وشتان بين من يضع (منهجًا محددًا وأصولًا واضحة في التعامل مع النص)، وبين من (يتقلب بين المناهج والأفكار بحسب كل واقعة). وشتان بين من (يتخذ الصحابة والتابعين دليلًا بين يديه)، وبين من (يسير خلف فلاسفة وضلال الشرق والغرب). إنه منهج يتسم بالوضوح والاطراد، والتناسق والتماسك، وهو ما يجعل أثره عميقًا في نفوس المستمسكين به، ودورَه فاعلًا في التأثير على المخالفين، وهو أيضًا أقدر المناهج على الدفاع عن أحكام الإسلام؛ لأنه لا يسلِّم للمخالف بباطل يتوصَّلون من خلاله للطعن في الإسلام. إن بعض المنحرفين يوجِّه سهامَه إلى السلفية فينتقدها على أمور هي من صميم الإسلام؛ فهو ينتقد في الظاهر الجماعات السلفية لكنه في الحقيقة يطعن في الإسلام نفسه؛ كمن ينتقدهم في أصل (الحجاب) أو (التوحيد) أو (الحكم الإسلامي) فهو في الحقيقة يطعن في الإسلام نفسه؛ وإن زعم أنه يقصد الجماعات السلفية؛ فمن الخلل ونقص الحكمة أن يتعامل بعض الناس مع ظاهرة النقد هذه وكأنها موجَّهة إلى جماعة محددة؛ فمن المهم أن يستوعب الشخص الأسباب التي تدعو للنقد وحقيقة النقد حتى يدرك من خلالها، هل هو نقد لـ (جماعة) أم طعن في (منهج ورسالة)؟

1 / 203