Arbacin Mughniyya
كتاب الأربعين المغنية بعيون فنونها عن المعين
Nau'ikan
844- وأما على رواية التخفيف، فهي من الضيم والضير، أي: لا يلحقكم في رؤيته ضيم ولا ضير، بل يستوي كلكم فيها، وهو بضم التاء مع التشديد راجع إلى ما تقدم أيضا، ووقع في رواية أبي شهاب الحناط المتقدمة عند البخاري في حديث جرير: ((إنكم سترون ربكم عز وجل عيانا كما ترون القمر ليلة البدر))، والتشبيه هنا إنما هو للرؤية لا للمرئي بالمرئي؛ لأن الله سبحانه منزه عن ذلك، أي: ينزاح عنكم الشك في هذه الرؤية كما ينزاح عنكم في رؤية القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب.
845- فأما ما تشبثت به المعتزلة من قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار} فأقوى ما يجابون به أن الإدراك أخص من الرؤية؛ لأنه إحاطة وإبصار للشيء مع جوانبه وأطرافه، وهذا في حق الله محال، فالله تعالى يرى ولا يدرك، كما يعلم ولا يحاط به علما، ولا يلزم من نفي الإدراك نفي الرؤية.
- وأما قوله تعالى لموسى عليه السلام: {لن تراني}، فالمراد بذلك في الدنيا؛ لأنه إنما سأل رؤيته تعالى في الدنيا، فأجيب عن ذلك، وصدر الآية حجة قاطعة في جواز الرؤية، وهو سؤال موسى عليه السلام، فمن زعم أن رؤيته تعالى مستحيلة لزم من قوله أن يكون أعلم بالله من صفيه وكليمه موسى صلاة الله عليه وسلامه، وأن موسى عليه السلام لم يكن عالما بذلك، {كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا}، والله سبحانه ولي التوفيق، ونسأله الهداية إلى سواء الطريق.
Shafi 540