فذكروا أن رجلا منهم وامرأة قد زنيا، فقال لهم رسول الله ﷺ: «ما تجدون في التوراة في شأن الرجم» . فقالوا: نفضحهم ويجلدون. فقال عبد الله بن سلام: كذبتم إن فيها آية الرجم، فأتوا بالتوراة، فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم، ثم قرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله ﷺ فرجما، فقال عبد الله بن عمر: فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة. قال مالك:
معنى يحني ظهره: يكب عليها حتى تقع الحجارة عليه «١» .
وذكر البخاري ومسلم نحوه «٢» وفي كتاب النسائي عن ابن عباس أنه قال: الرجم في كتاب الله ﷿ حق، ولا يغوص عليه إلا غوّاص «٣» قوله تعالى يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ [المائدة: الاية ٦٥] . وقال مالك في غير الموطأ: لم يكن اليهوديان أهل ذمة. وذكر البخاري أنهما أهل ذمة، ووقع في معاني القرآن للزجاج: أن الزنا كثر في أشراف اليهود بخيبر، وكان في التوراة أن على المحصنين الرجم، فزنى رجل وامرأة فطمعت اليهود أن يكون نزل على النبيّ ﷺ الجلد على المحصنين، وهي تأويل قول الله ﷿: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ [المائدة: الاية ٤١] . يقولون: إن أوتيتم هذا فخذوه أي أوتيتم هذا الحكم المحرّف فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا.
وفي مصنف أبي داود، نا يحيى بن موسى البلخي، نا أبو أسامة عن مجالد، عن عامر، عن جابر بن عبد الله قال: جاءت يهود برجل وامرأة منهم زنيا فقال: «ايتوني بأعلم الرجلين منكم»، فأتوه بابني صوريا، فناشدهما الله كيف تجدان أمر هذين في التوراة فقالا: نجد في التوراة أنه إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما، قال: «فما يمنعكما أن ترجموهما»، قالا: ذهب سلطاننا فكرهنا القتل. فدعا رسول الله ﷺ بالشهود فجاء أربعة فشهدوا فأمر رسول الله ﷺ برجمهما. وفي حديث آخر بأربعة منهم، وفي رواية أخرى قال لليهود: «ايتوني بأربعة منكم»، ويقال إن مجالدا غير مقبول الحديث وإنما رجمهما النبيّ ﷺ بغير شهادة اليهود إما بوحي أو بشهادة مسلمين أو بإقرارهما «٤» .
في مسند البزار أنهم أتوا النبيّ ﷺ بابني صوريا فقال لهما رسول الله ﷺ: «أنتما أعلم من وراءكما؟» فقالا: كذلك يزعمون، فناشدهما بالله الذي أنزل التوراة على موسى كيف تجدان أمر
_________
(١) رواه مالك في الموطأ (١٧٥٥) في الحدود وهو حديث صحيح.
(٢) رواه البخاري (٦٨١٩)، ومسلم (١٦٩٩) من حديث ابن عمر ﵄.
(٣) رواه الحاكم في المستدرك (٤/ ٣٥٩) وصححه الحاكم. وقال في التلخيص: صحيح.
(٤) رواه أبو داود (٤٤٥٢) من حديث جابر ﵁. وهو حديث صحيح.
1 / 20