والقول السابع: أنه مشتق من العرب وهو مصدر عرب الجرح يعرب عربًا، إذا بقيت له آثار بعد البرء، عن أبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري، ويكون وجه هذا الاشتقاق أنهم لبروز أفعالهم وبقاء آثارهم وخلود نكايتهم لأعدائهم سموا بذلك.
والقول الثامن: أنه مشتق من العرب وهو كثرة الماء، ومنه بئر عربة إذا كثر ماؤها، ذكره ابن حبيب، واستشهد بقول طفيل الغنوي:
ولا أكون وكاء الزاد أحسبه ... لقد علمت بأن الزاد مأكول
ولا أقول وجم الماء ذو عرب ... من الحرارة: أن الماء مشغول
وقال محمد بن زياد الإعرابي أيضًا: يقال: ماء عرب ونهر عرب وبئر عربة، كله يراد به كثرة الماء.
ولهذا الاشتقاق وجوه: إحداها أنهم لاشتباه حسن أفعالها ووجدان الكرم في كافتهم سموا بذلك، وقد قيل في المثل: أشبه به من الماء بالماء.
وثانيهما: أنهم لكرم أنسابهم وخلوص أعراقهم وصفاء أصولهم سموا بذلك، كما قيل للحصان الصحيحة النسب من النساء: ماء السماء. وكما يقال: حصان كماء المزن.
وثالثها: أنهم لاستغنائهم بأنفسهم. واكتفائهم دون الحاجة إلى غيرهم وتحيزهم بتدبير أموالهم عن أكثر أغراض سواهم سموا بذلك، لأن الماء يوصف بالغنى عن الأشياء وبحاجتها إليه كما قال سهل بن هارون بن راهبون البليغ ﵀، في بعض حكمه، يصف بعض الملوك في جلالة قدره، واستغنائه عن آراء اتباعه وعن مساعي أعوانه -: كالماء الذي ليس به إلى شيءٍ حاجة، ولكل شيء إليه أمس الضرورة.
ورابعها: أنهم لما أحيوه من الأرض الميتة، وأقاموه من الأعلام الدارسة، وأهلوه من القفار العازبة، سموا بذلك، تشبيهًا بالماء الذي به حياة كل شيء قال الله ﷿: (وجعلنا من الماءِ كلَّ شيءٍ حيٍّ) .
1 / 112