أراد بالعرب المتحببات إلى الأزواج، والإعراب من الفاحش، فمعناه أنه يقول: يجمعن العفافة عند الغرباء، والإفحاش عند الأزوج كما قال الفرزدق:
يأنس عند بعولهن إذا خلوا ... وإذا هم خرجوا فهن خفار
ومنه قول أبي محمد عطاء بن أبي رباح: أنه كره الأعراب للمحرم، يوميء به إلى النكاح،.
ويكون اشتقاق اسم العرب من هذا المعنى وهو الفجور أنهم عاملوا الناس في الجعجعة بهم والغلظة عليهم معامله الفجار، فسموا بذلك وأن لم يكونوا فجارًا، وعلى مثل هذا فسر بعض المفسرين قول الله ﷿: (يخادعون الله والذين آمنوا، وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون) وقال: معنى " يخادعون " يفعلون أفعال المخادعين، وإن لم تكن الخديعة واقعةً منهم، إذ كان أصل الخدع إخفاء الشيء، والله تخفى عليه خافية، هذا قول بعض أهل العلم والله أعلم بكتابه. وعلى نحو منه فسر صاحب اللواء:
حلفت لها بالله حلفة فاجر ... لناموا فما إن من حديث ولا صال
وذلك أنه لما كان من شأن الفاجر أن يغلظ يمينه، ويؤكد أليته حلف لها أمرؤ القيس كيمين الفاجر، وأن لم يكن فاجرًا في قسمه، ويوضح ذلك أنه قال بعد هذا البيت:
سموت إليها بعد ما نام أهلها ... سمو حباب الماء حالا على حال
فقد صح ما أقسم عليه من نومهم، وبطل أن يكون في يمينه، ولم يبق إلا حمله على الوجه الذي ذكرناه، وكذلك هؤلاء فعلوا أفعالًا ساء موقعها عند من فعلوها معه من أعدائهم سوءًا شابهوا به أفعال الفجار وإن لم يكونوا فجارًا، ويجوز أن يكون محمولًا على أصل الفجور وهو الظهور والبروز ومنه: في فلان فجر، أي كرم ظاهر وجود فائق، ويكونون سموا بذلك ليرزوهم عن الأمم وظهورهم على الطوائف.
1 / 111