ثار تلاميذي بالأمس لأني فرضت عليهم من الواجبات ما لا يطيقون.
معذرة يا تلاميذي فإن أستاذكم يفرض على نفسه ما لا يطيق.
الفصل السادس والثلاثون
خطاب تهديد
من صديق ليلى الباريسية إلى الدكتور زكي مبارك ... صاحب الصباح
أعرف أنك رجل تميل إلى إرضاء قرائك، فتحب ما يحبون وتكره ما يكرهون، وأنا من قرائك القدماء، لولا أن بيني وبينك قضية، خلاصتها أنك تحب ما لا أحب، ومن لا أحب، فكأنك تبخل علي وحدي بما تجود به على قرائك.
وقد تسألني مثلا لذلك، فأقول لك - بكل اختصار - إنك تفرط في حب رجل أنا من القلائل الذين لا يحبونه.
ثم قد تسألني: ومن يكون هذا الرجل؟ فأقول لك: هو الدكتور زكي مبارك!
فإذا سألتني عن سر ذلك، قلت لك: إنه يرجع إلى سنوات خلت حينما قذفت بي الأقدار إلى باريس، وكان الدكتور زكي مبارك هناك آنئذ، وكان حديث عهد بالملابس الإفرنجية، فكان لا ينفك يقلب قبعته على مواضيع مختلفة من رأسه كما كان - في عهد العمامة - بعمامته.
كنت طالب علم آنذاك - وإن كنت قد أخفقت فيما بعد - وكنت لا أحب الاختلاط بإخواني من المصريين لا كبرا وايم الله وإنما خشية، خشية على قلبي، وكان هذا القلب يومئذ مفتونا بساحرة من بنات السين، وأنت تعرف يا سيدي مهارة بعض الأبالسة في الإيقاع بالنساء.
Page inconnue