============================================================
الوحيد في سلوك أهل التوحيد الواسطي رحمه الله تعالى -(1) وكان شيخه- قال: كنت آوي إلى مسحد، وكان والدي عشره وأحسن عمارته ونضارته، وفرش فيه بسطا، فكان يوصيني آلا يلحقه شيء، فكنت اكون جالسيا، وإذا بشخص فقير مول يدخل المسجد ورجلاه مملوعتان طينا، فيمشي على البسط ويلوثها، ويقعد في القبلة في دخوله ولا يتكلم، فأقوم وأمسحها، ثم يقوم بعد ذلك يخرج ويلوثها في دخوله وخروجه، وهو لا يتكلم وأنا لا أكلمه.
فلما كان في أحد الأيام سمعته يقول إن لم تطعمني شواء حارا بعسل نحل بكيت، وخرج فتبعته، فبينما هو مشي، وإذا شخصان قد مسكاه، وإذا بواحد منهم على رأسه حويجة عليها شواة حار وعسل نحل، فجعلا يقطعان من الشواء ويجعلاه في العسل ويدخلاه في فمه، وهو يأكل إلى أن اكتفى، فأشار إليهم برأسه أو بلحيته بالإمساك فتركاه ومشيا، فتبعته إلى أن خرج إلى ظاهر البلد فالتفت إلي وقال: ما بالك يا أبا الفتح؟ فقلت: ما هذا الدلال على الله حتى تقول إن لم تطعمني كذا وكذا بكيت؟ فقال لي: يا أبا الفتح، أنا بكيت على الله تعالى بالدموع حتى نفدت، ثم بكيت الدماء حتى نفذت، فوعدني ألا أبكي أبدا بعدها، فلو أقسمت عليه بزوال السموات والأرض إلا بكيت لفعل.
وقد قلت: أبدا عليك على الدوام توكلي يا مقصدي يا ملجئي يا مأملي (1) هو شيخ سيدي الغوث أبي الحسن الشاذلي حقدس سره - قال : لما دخلت العراق احتمعت بالشيخ الصالح أبي الفتح الواسطي، فما رأيت بالعراق مثله، وكان مطلبي القطب. كما في تعطير الأنفاس.
وقال المناوى: ولما قدم الشاذلي الإسكندرية، وكان بها أبو الفتح الواسطى، فوقف بظاهرها واستأذنه فقال: طاقية لا تسع رأسين، فمات أبو الفتح في تلك الليل؛ وذلك لأن من دخل بلذا على فقير بغير إذنه - فمهما كان أحدهما أعلى- سلبه أو قتله، ولذلك ندبوا الاستثذان، كما في الكواكب الدرية .(343/2) 1 66 756 O471)
Page 43