Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Genres
فقال أنا ربكم الأعلى
[النازعات: 24]، فيكون كلامها من صفات الربوبية، وإن من صفات الربوبية قوله تعالى:
والله الغني وأنتم الفقرآء
[محمد: 38]، فإذا تم فساد حال النفس الأمارة بالسوء تثبت صفات الربوبية لنفسها، وصفات العبودية لربها، كقوله تعالى: { لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنيآء } [آل عمران: 181]، أثبتوا لأنفسهم صفات الربوبية وهي الغناء، وأثبتوا لله صفة العبودية وهي الفقر، { سنكتب ما قالوا } [آل عمران: 181]، وسنميت قلوبهم بأقوالهم هذه كما أمتناها بأفعالهم، وهي { وقتلهم الأنبياء بغير حق } [آل عمران: 181]، يشير إلى: إن جزاء هذه الأحوال في حق الله سبحانه مثل جزاء هذه الأفعال في حق الأنبياء - عليهم السلام - { ونقول ذوقوا عذاب } [آل عمران: 181]، القلب الميت { الحريق } [آل عمران: 181]، بنار القهر والقطيعة { ذلك بما قدمت أيديكم } [آل عمران: 182]؛ أي: بشؤم معاملاتكم القولية والفعلية على وفق الهوى والطبيعة، وخلاف الرضاء والشريعة، { وأن الله ليس بظلام للعبيد } [آل عمران: 182]، بأن يضع الشيء في موضعه لهم؛ يعني: لا يجعل المصلح منهم مظهر صفة قهره، ولا المفسد منهم مظهر صفة لطفه، كما قال تعالى:
الله أعلم حيث يجعل رسالته
[الأنعام: 124].
ثم أخبر عمن لهم مثل حالهم وشبه مقالهم بقوله تعالى: { الذين قالوا إن الله عهد إلينا } [آل عمران: 183]، الإشارة في الآيتين، فاعلم أولا أن الإنسان هو العالم الأصغر فيوجد فيه النموذج من كل ما في العالم الأكبر، وفي قوله تعالى: { قالوا إن الله عهد إلينا } [آل عمران: 183]، إشارة إلى: إن في اليهود صفات البهيمة والسبعية والشيطنة، { ألا نؤمن } [آل عمران: 183]؛ أي: لا تستسلم ولا تنقاد { لرسول } [آل عمران: 183]؛ أي: خاطر روحاني وإلهام رباني، أو وارد حق { حتى يأتينا بقربان } [آل عمران: 183]، وهو الدنيا وما فيها نجعلها نسيكة لله عز وجل { تأكله النار } [آل عمران: 183]،
نار الله الموقدة * التي تطلع على الأفئدة
[الهمزة: 6-7]، التي تقدح من زناد نخبهم، فإن كثيرا من الطالبين الصادقين يجعلون الدنيا وما فيها قربانا لله تعالى فلا تأكله نار الله، { قل } [آل عمران: 183]، يا دار الحق { قد جآءكم رسل من قبلي } [آل عمران: 183]؛ أي: واردات من الحق { بالبينات } [آل عمران: 183]، والبراهين الظاهرة والحجج الباهرة، { وبالذي قلتم } [آل عمران: 183]؛ أي: بإتيان الدنيا قربانا، { فلم قتلتموهم } [آل عمران: 183]، غلبتموهم وتحرقونهم حتى لم يبق أثر من تلك الواردات، { إن كنتم صادقين } [آل عمران: 183]، إنكم تنقادون بالواردات الحق.
فاعلم: أن الله تعالى كما قدر أن بعض الأمم يغلبون بعض أنبيائهم ويقتلونهم قبل الإيمان أو بعد الإيمان بهم، كذلك قدر أن بعض الصفات النفسانية، فغلب على بعض الإلهامات الربانية والواردات الرحمانية فتمحوها، كما قال تعالى:
Page inconnue