مات، ومنها ما يدل على أن النعي هو تعداد صفات الميت، فالظاهر أن كلاهما نعي، والله أعلم.
وما يفعله الناس اليوم في زماننا، من إعلام الناس بالميت، والمناداة له، فهو من البدع المنهي عنها، كما وردفي الحديث، فإنه مفض إلى تأخير الميت، لأجل اجتماع الناس له، تأخيرًا زائدًا عن الحد، ويتركون السنة التي من شأنها الإسراع بالجنازة.
كما «ثبت في سنن أبو داود: أن أبا طلحة بن البراء مرض، فأتاه النبي ﷺ يعوده فقال: إني أرى طلحة قد حدث فيه الموت، فآذنوني به وعجلوا، فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم، أن تحبس بين ظهراني أهله» .
وإن كان المراد النعي الذي هو تعداد صفات الميت، فيقال: الذي ينبغي أن يقال: لا بأس بالكلمات اليسيرة إذا كانت صدقًا، لا على وجه النوح والتسخط، فلا يحرم، ولا ينافي الصبر، ولا يكون من المنهي عنه، بل قد نص الإمام أحمد ﵀ أن الكلمات اليسيرة من الصدق لا تنافي الصبر الواجب.
يؤيد ذلك ما ثبت في صحيح البخاري «من حديث أنس بن مالك ﵁ قال: لما ثقل رسول الله ﷺ جعل يتغشاه الكرب، فقالت فاطمة: وا كرب أبتاه، فقال: ليس على أبيك كرب بعد اليوم.
فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربا دعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل أنعاه، فلما دفن رسول الله ﷺ قالت فاطمة: أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله ﷺ؟»
«وعن أنس أيضًا أن أبا بكر الصديق ﵁ دخل على النبي ﷺ بعد وفاته، فوضع فمه بين عينيه، ووضع يده على صدغيه، وقال: وا نبياه، وا خليلاه، وا صفياه» رواه الإمام أحمد.
«وعن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم، وكبر عليه أربع تكبيرات» .
رواه البخاري ومسلم.
وفي لفظ لهما قال: «استغفروا لأخيكم» .
وقد تقدم قول النبي ﷺ: «وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون» .
وهذا ونحوه من الأقاويل التي تقدمت، ليس تسخط على الرب ﵎ بما قضاه وقدره، ولا ينافي الصبر الواجب، ولا يأثم به قائله، والله أعلم.
1 / 61