فقال عبد العزيز: إني قابلها بشرط أن يكون والدي مشرفا على أعمالي دائما فيرشدني إلى ما فيه خير البلاد، ويردعني عما يراه مضرا في مصالحها.
كذلك تمت البيعة لعبد العزيز. وكان يومئذ سميه ابن الرشيد نازلا في رغبة من بلدان المحمل، وقصده محاصرة الرياض، فأرسل سالم السبهان بجيش من قحطان إلى ضرمة ليهجم عليها من الجنوب الغربي، وأمر الحازمي مندوبه في الحساء بأن يستنهض العجمان وآل مرة بمؤازرة الحكومة فيهجمون من الشرق الجنوبي.
ولكن ابن سعود أرسل أخاه محمدا وابن عمه عبد الله جلوي إلى تلك النواحي الجنوبية يستنجدان الدواسر وآل مرة، فظفرا بما لم يظفر الحازمي والترك أعوانه، وقد علم ابن الرشيد أن كثيرين ممن كان يظنهم من أتباعه قد انضموا إلى ابن سعود، فأقام شهرين في رغبة وأسبوعين في الحسي، وهو يعجز عن الهجوم على الرياض، ثم رحل إلى الحفر ليحول دون تموين العدو من الكويت.
لكل أمير من أمراء العرب دائرة استخبارات، ولكنهم هناك يسمون الأشياء بأسمائها الحقيقية، قال السلطان عبد العزيز: «فلما علم ابن سعود من جواسيسه، أن ابن الرشيد ينوي أن يصادر الأرزاق التي تجيء إلى نجد من الكويت والحساء، تذاكر ووالده فعقدت النية على حيلة تقربه منهم فيتلاحمون وإياه، ويقضون عليه أو في الأقل يحولون دون تنفيذ خطته.»
خرج عبد العزيز من الرياض ووجهته الجنوب، وراح شمالا إلى مناخ ابن الرشيد من أشاع أن ابن سعود خائف من خصمه وأنه فر هاربا، فلما سمع ابن الرشيد ذلك شد الرحال مسرعا ودرهم
3
فنزل على ماء بنبان
4
ولم يكن بينه وبين الرياض غير عشرين ميلا أو أقل، ثم جاءه الخبر اليقين؛ وهو أن الرياض محصنة وأن ابن سعود في حائر سبيع بالخرج، فأمسى في حيرة مزعجة أبت عليه التقهقر وحالت دون الهجوم.
وكان لابن سعود سرية في الدلم عاصمة الخرج بقيادة أحمد السديري، فأمره أن يتأهب للزحف معه إلى الرياض إذا هجم ابن الرشيد عليها. أما إذا تجنبها ومشى إلى الخرج فأهل الرياض يتقفونه بالسلاح وعبد العزيز يفزع إلى السديري في الدلم. بعد هذا التدبير وكل ابن جلوي بمن كان معه من الجنود فأقامهم في علية، وهو ضلع حصين بين الحريق والحوطة قريب منهما، ثم أرسل أخاه سعدا إلى الحريق يستنجد أهلها، وراح هو للغاية نفسها إلى الحوطة، فبلغه في اليوم الثاني هناك خبر هجوم ابن الرشيد على الدلم، «طاح في الشرك الذي نصب له!» فبادر ابن سعود إلى ذاك المكان.
Page inconnue