الشيخ المبارك المسعد! قد حماه الإنكليز من البحر، وحماه ابن سعود الشاب من البر. كيف لا وهو يشغل عنه عدوه ابن الرشيد. «ولدي عبد العزيز تولاك الله وعافاك وقواك، وجعل النصر دائما أخاك! أرسل مبارك يهنئ ولده ويبارك له.» ثم بعث أخاه سعد بن عبد الرحمن بالنجدة التي طلبها.
ومشى عبد العزيز إلى غرضه فاستولى أولا على النواحي الجنوبية؛ أي الخرج والحوطة والحريق والأفلاج والدواسر، أما النواحي الشمالية، مثل الشعيب والمحمل والوشم وسدير، فظلت في حوزة ابن الرشيد مع أنها كانت موالية لابن سعود.
1320ه / 1902م: في أوائل هذا العام أغار عبد العزيز مرتين على قبائل من قحطان كانت نازلة حلبان
1
في أطراف نجد فأخذهم، ولكنه مرض في الغزوة الثالثة وهو على ماء الحسي شمالي الرياض، ثم خرج أخوه محمد غازيا لفخذ من عتيبة يرأسهم ابن ربيعان وهم في مكان قرب الشعرى.
2
أما عبد العزيز بن الرشيد فلما يئس من مفاوضات الترك وبان له من أمر «الأرنبة المحجرة» ما لم يكن ليخطر في باله، أمر بشد الرحال وأسند (العرب يقولون: سند) عائدا إلى حائل، فعبأ جيشا جديدا من شمر والقصيم وسدير والوشم، وزحف به في ربيع الأول من هذا العام قاصدا الرياض.
فلما علم ابن سعود بذلك أرسل إلى أبيه في الكويت يقول إن الحرب قائمة، وإن الاستيلاء على الرياض يقتضي أن يكون هو؛ أي الإمام عبد الرحمن فيها. جاء الوالد مسرعا، ولم يمنعه الإسراع من أن يغزو في طريقه قبائل من الظفير وشمر الموالين لابن الرشيد، وخرج عبد العزيز ورجاله فساروا مسافة ثلاثة أيام ليستقبلوا الإمام الذي عاد إلى الرياض عودة الظافر، وكان قد خرج منها منذ إحدى عشرة سنة مهاجرا.
ثم حدث خلاف بين الأب والابن نادر المثال؛ فقد أرسل عبد العزيز من القصر إلى الوالد في بيته يقول: الإمارة لكم وأنا جندي في خدمتكم. فجمع الوالد العلماء وأعلمهم بالأمر، ثم أرسل إلى ابنه الصغير يقول: إذا كان قصدك في استدعائي إلى الرياض لأتولى الإمارة فيها فهذا غير ممكن ولا أقبله مطلقا، ولا أقيم في المدينة إذا ألححت به.
تدخل العلماء في الأمر فقالوا لعبد العزيز: على الابن أن يطيع أباه. وقالوا لعبد الرحمن: أنت كوالد عبد العزيز رئيس عليه، وبالتالي على أهل نجد. فقال عبد الرحمن: ولكن الإمارة له.
Page inconnue