============================================================
ذكر نوح عليه السلام (هود: الآية 37]، وقال: ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملا من قومهه سخررا منه [هود: الآية 38] وجعلوا يقولون: ما تصنع؟ قال: سفينة. قالوا: وما السفينة؟ قال: بيت أجلس فيه فأنجو من الغرق. قالوا: أفتجعل للماء إكافا؟ وقالوا: وأين الماء الذي يجري عليه سفينتك؟ قال: سيكون. قال: فعملها وجعلها ثلاثة أطباق، وكان طول السفينة ثمانين ذراعا وعرضها خمسون ذراغا، ويقال: كان طولها في الأرض ثلاثمائة ذراع، ويقال: ستمائة ذراع وعرضها ستون ذراغا وسمكها في الهواء ثلاثون ذراغا وكانت من خشب الذلب، ويقال: من خشب الساج، ويقال: من خشب الشمشاد وكان الله أمره أن يطليه بالقار داخلا وخارجا ولم يكن في الأرض قار، ففجر الله له عينا منه تغلي حتى طلى به السفينة وجعل لها ثلاثة أبواب فكان الطبق الأعلى لبني آدم والأوسط للطيور والأسفل للسباع والدواب والبهائم وحمل الذر مع بني آدم لضعفها فلا يطأ الدواب. وقال وهب: كان الطبق الأسفل لجميع الدواب والطيور، والأوسط للطعام والأمتعة، والأعلى لنوح وللناس قال الله تعالى: اخمل (1) فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول} (فود: الآية 40] وجعل فيها من كل جنس من الحيوانات ذكرا وأنثى وحمل من جميع أصناف الحبوب والنبات والأشجار وكان معه من الناس في قول بعضهم ثمانون نفسا من الذين آمنوا به، ويقال: سبعون وكان نوح وبنوه الثلاثة ونساؤهم ويقال: إن الله حشر له الحيوانات كلها والطيور حتى أخذ من كل نوع زوجين ويقال: إن الماعزة استعصت عليه فضرب في ذنبها فلذلك بدا حياؤها وأطاعته النعجة فمسح ذنبها وستر حياؤها، وحمل نوح جسد آدم معه في السفينة لما كان من وصية آدم بذلك لبنيه وجعله حاجزا بين الرجال والنساء، ويقال: إنه لما أدخل الدواب السفينة كان آخر الدواب دخولا الحمار فلما قال نوح: ادخل جاء إبليس فتعلق بذنبه فلم يقدر الدخول فدفعه نوح، وقال: ادخل وإن كان معك شيطان فدخل ودخل معه إبليس فلما رآه نوح قال: يا عدو الله من أدخلك؟ قال: أنت حين قلت للحمار ادخل وإن كان معك الشيطان، قال: اخرج عتي، قال: دعني فاني منظر فأمره أن يقعد على خيزران السفينة ويقال إن الشياطين لما رأت الطوفان طارت بين السماء والأرض وهلك كثير منهم وكان الله تعالى قد قال لنوح عليه السلام: إن آية الطوفان أن يفور التنور. فقال بعض الرواة إن الماء أول ما فار من عين بناحية الجزيرة يقال لها عين وردت من بلدة رأس العين ومن هنالك ركب نوح السفينة. وقال بعضهم: فار من تتور نوح في (1) في الأصل (فاحمل فيها) والصواب ما أثبتناه اخمل فيها).
Page 45