============================================================
ذكر نوح عليه السلام يخنقونه فيغشى عليه". وكان نوح عليه السلام يدعوهم ليلا ونهارا سرا وجهارا كما أخبر الله عنه: رب إنى دعوث قوى ليلا ونهارا إلى آخر الآية في سورة نوح فلم يزذهر ثعلوى إلا فرارا(1) [الآيتان5، 6] حتى إنه كان يكلم الرجل فيقول له: إن لي معك كلاما ثم يقول في أدنه: قل لا إلله إلا الله، فلما علموا بذلك لم يلتفت إليه أحد فكان يأتي أبوابهم بالليل ويقول: يا فلان، فإذا أجابه صاحب الدار قال له: قل لا إلله إلا الله، قال: واشتد عليه البلاء وانتظر القرن بعد القرن حتى مضت ثلاثة قرون(2) لكل قرن ثلاثمائة سنة ويروى اكثر من ذلك، وكان كل قرن أخبث ممن قبله حى إن الرجل كان يوصي ولده عند وفاته ويقول: احذر هذا المجنون. وهذا الشيخ الضال فإن آبائي أخبروني أن هلاك الناس يكون على يده وحتى يحمل الرجل ولده فيأتي به إليه ويقول: احذر هذا الشيخ بعدي ثم ناظروه بما ذكره الله تعالى في كتابه عنهم:ما نركك إلا بشرا مثلنا إلى قوله: ينوح قد جدلتنا فأكثرت جدالنا فاينا يما تعدنا} [هود: الآيات 27 - 32] وبما في سائر الآيات في القرآن وعن ابن عباس رضي الله عنه أن نوخا كان يضرب حتى يظن أنه قد مات فيلف في لباد فإذا أفاق قام يدعوهم ويروى آن رجلا جاءه بابنه والرجل شيخ يتوكا على عصاه، فقال: يا بتي احذر هذا الشيخ فقال الصبي: يا أبت ادفع إلي عصاك فأخذ عصاه وضرب نوخا بها حتى شجه، ويقال: رماه بحجر فشجه فلما رأى نوح ذلك قال: يا رب ما يضنع بي فاهد قومي واهد عبادك فأوحى الله إليه وآيسه من إيمان قومه وقال: يا نوح أنه
لن يومب من قومك إلا من قد مامن) [هود: الآية 36]، قال: رب لا نذر على الأرض من الكفرين ديارا(2) [نوح: الآية 26] إلى آخر الآية، فاستجاب الله تعالى دعاءه وأمره بصنعه الفلك، قال: يا رب وما الفلك؟ قال: فأنزل الله تعالى عليه جبرائيل حتى أخبره كيف يصنع الفلك قال: يا رب وأين الخشب؟ فأمر الله تعالى غرس الشجرة حتى كملت في عشرين سنة، ويقال: أربعين سنة، فلما تمت نزل عليه جبرائيل عليه السلام وقدر له تقديرة وكان نوح يعرف النجارة ففتحها هو وولده سام وحام ويافث، ويقال إنه استأجر أجراء يعملون له، قال الله تعالى: وأضنع الفلك بأغيننا ووحينا (1) جاء في المخطوط (ولا يزدهم دعائي إلا فرارا) والصواب فلم يزدهر تعلوى إلا فرارا} أي الصواب ما أثبتناه (2) قرن: أهل زمان واحد، قيل هو مأخوذ من الاقتران فكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم يقال وهو على قرني آي على سني وعمر [ماثة سنة] أمة بعد أمة [الوفت من الزمان]. لويس معلوف، المنجد ص 125 باب (قرن).
(3) جاء في الأصل (يا رب لا تذر) والصواب: وقال فوع رب... [نوح : الآية 26) .
Page 44