============================================================
ذكر آدم عليه السلام ادريس ما قاله كعب(1) وغيره آنه سار ذات يوم في حاجة فأصابه وهج الشمس فقال: يا رب آنا مشيت يوما فكيف بمن يحملها مسيرة خمسمائة عام في يوم واحد اللهم خفف عنه من ثقلها وحرها فلما أصبح وجه الملك من خفة الشمس وحرها ما لا يعرف فقال: يا رب ما الذي قضيت فيه؟ قال: إن عبدي إدريس سألني أن أخفف عنك حملها وحرها فأجبته فقال: رب اجعل بيني وبينه خلة، فأذن له حتى آتى إدريس فكان سأله إدريس فقال له: إني أخبزت أنك أكرم الملائكة وأمكنهم عند ملك الموت فاشفع لي إليه ليؤخر أجلي فأزداد شكرا وعبادة. فقال الملك: لا يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها، لكن أنا اكلمه فرفعه إلى السماء ووضعه عند مطلع الشمس ثم أتى ملك الموت فقال: لي إليك حاجة قال: ما هي؟ قال: صديق لي من بني آدم تشفع بي إليك لتؤخر أجله، فقال: ليس ذلك إلي ولكن إن أحببت أعلمته فنتقدم في نفسه. قال: نعم فنظر في ديوانه فقال: إنك كلمتني في إنسان ما رأيته ميتا أبذا، قال: وكيف قال: لا أجده يموت إلا عند مطلع الشمس فإني أتيتك وتركته هناك، قال: فانطلق فلا أراك تجده إلا وقد مات فوالله ما بقي من أجل إدريس شيء. فرجع الملك فوجده ميتا واختلفوا فيه أنه حي في السماء أم ميت فقال قوم : هو حي، وقالوا أربعة من الأنبياء أحياء اثنان في الأرض وهما الخضر وإلياس واثنان في السماء وهما إدريس وعيسى صلوات الله عليهم أجمعين قال وهب(2) كان يرفع لإدريس في كل يوم من العبادة بمثل ما يرفع لجميع أهل الأرض في زمانه فعجب منه الملائكة واشتاقه ملك الموت فاستأذن ربه في زيارته، فأذن له فأتاه في صورة إنسان وكان إدريس يصوم الدهر، فجاءه وقت إفطاره فدعاه إلى طعامه فأبى أن يأكل ففعل ذلك ثلاثة أيام فأنكره إدريس، فقال له ليلة الثالثة: إني أريد أن أعلم من أنت؟ قال: أنا ملك الموت استأذنت ربي أن أصحبك قال لي: إليك حاجة؟ قال: ما هي؟ قال: أن تقبض روحي، فأوحى الله تعالى إليه أن أقبض روحه فقبضها وردها الله تعالى إليه بعد ساعة قال له ملك الموت: ماذا قصدت في قبض روحك. قال: لأذوق كرب الموت وغمته فأكون أشد استعدادا له، ثم قال إدريس: إن لي إليك حاجة أخرى، قال: وما هي؟ قال: أن ترفعني إلى السماء لأنظر إليها وإلى (1) كعب بن مانع، وهو كعب الأحبار، يكنى آبا إسحلق، أدرك عهد النبي يلة ولم يره، كان إسلامه في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ابن الأثير الجزري، آسد الغابة 460/4.
(2) وهب بن منبه بن كامل اليماني الصنعاني الذماري، أبو عبد الله الأبناوي، مات سنة (116 ها باء السيوطي: جلال الدين عيد الرحمن اليوطي (ت 911 ها، طبقات الحفاظ، تحقيق علي محمد عمر، مكتبة وهية، شارع الجمهورية بعابدين، الطبعة الأولى سنة 1393 ه 1973م ص 41.
Page 36