============================================================
ذكر آدم عليه الشلام الجنة والنار فأذن الله تعالى له في رفعه، فلما قرب من النار قال لي إليك حاجة أخرى، قال: وما تريد؟ قال: تسأل مالكا حتى يفتح لي أبوابها فأردها ففعل، ثم قال: فكما أريتني النار فأرني الجنة، فذهب إلى الجنة فاستفتح ففتح أبوابها فأدخله الجنة ثم قال له ملك الموت: اخرج لتعود إلى مقرك فتعلق بشجرة، وقال: ما أخرج منها فبعث الله تعالى حكما بينهما فقال له الحكم: ما لك لا تخرج قال: لأن الله تعالى قال: {كل نفي ذايقة الموت} [آل عمران: الآية 185]. وقد ذقته وقال: وإن منكز إلا واردها} [مريم: الآية 71] وقد وردتها وقال تعالى: وما هم منها يمخرجين} (الحجر: الآية 48] فلست أخرج فأوحى الله تعالى إلى ملك الموت بإذني دخل الجنة وبأمري لا يخرج منها فهو حي هناك. فذلك قوله تعالى: ورفعنه مكانا عليا} (مريم: الآية 57] الصدف إذا جاء المطر يرفع إلى وجه البحر ويفتح فاه فما يقع فيه من المطر صار لؤلؤا قال الضحاك(1): كانت الأرض خضرة مونقة لا يأتي ابن آدم شجرة إلا وجدها وعليها ثمرة وكان ماء البحر عذبا وكان الأسد لا يقصد البقر والغنم، فلما قتل قابيل هابيل قشعرت الأرض وشاكت الأشجار وصار ماء البحر رعافا وقصدت الحيوانات بعضها بعضا وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث عليه شيطانان أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب فلا يزال يضربانه بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت ثم قرأ رسول الله: "الأنبياء لا تبلى" وكانوا أولاد آدم يطوفون بآدم حرمة له وكانوا لا يدعون ولد قابيل أن يقربوا منه وبذلك كان وصاهم آدم، قال: فأتى ابليس قابيل وولده. وقال: هل تريدون أن أصنع لكم على صورة أبيكم مثل جسده الميت فتطوفوا به أيضا، قالوا: نعم، فصور لهم صورة مثل صورة جسد آدم فوضعوها وطافوا بها واستبشروا، فلما طال الزمان اتخذ كل قوم منهم لأنفسهم في ناحيتهم صورة مثل ذلك فلما امتد الزمان عبدوها فذلك أول عبادة الأصنام وقيل لا بل كان بين آدم وادريس أقوام صالحون يستجاب دعاؤهم وهم (وذ وسواع ويغوث ويعوق ونسر)(2) فكل من مات منهم ميت اتخذ أهله على مثال صورته شيثا ليسكنوا (1) الضحاك: أبو عاصم الضحاك بن مخلد بن الضحاك الشيباني توفي سنة (212 ه). السيوطي طبقات الحفاظ ص 156 (2) ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر، كانوا قوما صالحين، ماتوا في شهر فجزع عليهم ذوو اقاربهم فقال رجل من بني قاييل: "يا قوم! هل لكم أن أعمل لكم خمسة أصنام على صورهم ، غير أني لا أقدر أن أجعل فيها أرواحا؟ قالوا: نعم، فنحت لهم خمسة أصنام على ورهم، ونصبها لهم فكان الرجل يأتي آخاه وعمه وابن عمه فيعظمه ويسعي حوله حتى
Page 37