فان هذا القول إنما حسن أكثر لصدقه، لأن التغيير الذى فيه يسير. ولذلك قال القائل: «يا معشرالعرب! لقد حسنتم كل شىء حتى الفرار!»
قال: وإذا كانت مواضع الغلط ستة، ومواضع التوبيخ مقابلتها، فيجب أن تكون مواضع الغلط الذاتى والتوبيخ الخاصى اثنى عشر موضعا: ستة أغاليط وستة توبيخات.
وأمثلة التوبيخات غير موجودة عندنا، إذ كان شعراؤنا لم تتميز لهم هذه الأشياء ولا شعروا بها.
فهذا هو جملة ما تأدى إلى فهمنا مما ذكره أرسطو فى كتابه هذا من الأقاويل المشتركة لجميع أصناف الشعر والخاصة بالمديح، أعنى المشتركة منها أيضا للأكثر أو للجميع.
وسائر ما ذكره فى كتابه هذا من الفصول التى بين سائر أصناف الشعر عندهم وبين صنف المديح فهو خاص بهم. ومع ذلك فلسنا نجده ذكر من ذلك فى هذا الكتاب الواصل إلينا إلا بعض ذلك. وذلك يدل على أن هذا الكتاب لم يترجم على التمام، وأنه بقى منه التكلم فى سائر فصول أصناف كثير من الأشعار التى عندهم. وقد كان هو قد وعد بالتكلم فى هذه كلها فى صدر كتابه. والذى نقص مما هو مشترك هو التكلم فى صناعة الهجاء. لكن يشبه أن يكون الوقوف على ذلك بقرب من الأشياء التى قيلت فى باب المديح، إذ كانت الأضداد يعرف بعضها من بعض.
وأنت تبين إذا وقفت على ما كتبناه ها هنا، أن ما شعر به أهل لساننا من القوانين الشعرية بالإضافة إلى ما فى كتاب أرسطو هذا وفى كتاب «الخطابة» نزر يسير كما يقوله أبو نصر. وليس يخفى عليك أيضا كيف ترجع تلك القوانين إلى هذه، ولا ما ذكروا من ذلك على وجه الصواب مما ذكر على غير ذلك.
والله الموفق للصواب بفضله ورحمته.
Page 250