وهذا البرهان مبناه أيضا على مقدمتين: إحداهما: أن كل حركة فإما أن يلحقها الاختلاف إما من قبل المحرك أو من قبل المتحرك أو من كليهما، وذلك أنه لما كان يظهر في كل متحرك يتحرك عن محرك أن سبب اختلاف الحركة فيه إما أن يكون من أجل أن المحرك له ليس يحرك بقوة واحدة بل (بقوى) مختلفة بالأقل والأكثر، واما من أجل أن المتحرك يتغير بضرب ما من التغير، وإما من أجل الأمرين جميعا ، و<إذا> كان قد تبين أن كل متحرك فله محرك، فواجب أن تكون كل حركة فإنما يلحقها الاختلاف اما من قبل المحرك أو المتحرك أو من كليهما، فإنه من المستحيل أن تتغير الحركة الواحدة بعينها بالسرعة والبطء، والنسبة التي بين المحرك والمتحرك نسبة واحدة بعينها. فبهذا يقع لنا التصديق بهذه المقدمة. وأما المقدمة الثانية فهي ما تبين من (أن) المحرك الأول والمتحرك الأول، أعني الجرم السماوي ومحركه، ليس يمكن في واحد منهما أن يقبل التغيير. وذلك أنه لو قبل واحد منهما التغيير لما كانت الحركة الأولى متصلة وازلية، على ما تبين في الثامنة من السماع. وإذا قد تقررت لنا هاتان المقدمتان فنرجع فنقول: إن كانت حركة السماء مختلفة، فإما أن يكون ذلك من قبل تغير المحرك أو المتحرك أو كليهما، لكن ليس يمكن فيهما ذلك من قبل جهة من هذه الجهات، فإذن ليست حركة السماء مختلفة. وهذا البرهان هو أوثق البراهين الأربعة التي أتى بها هاهنا.
البرهان الثالث
Page 221