[40]
وتحكم بين الناس. وكان ذلك قباء احمر وكلوتة صفراء. فما أمكنه إلا أن يلبسها، وحكم بين اثنين. ثم قام من مجلسه ودخل بيته، ومرض ورمى كبده قطعا، وتوفي في الثالث والعشرين من صفر سنة سبع عشرة وست مئة. انتهى.
الجمال الحرستاني
وابن الحرستاني المشار إليه، هو قاضي القضاة جمال الدين أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل بن علي بن عبد الواحد الحرستاني الأنصاري الخزرجي العبادي الدمشقي. ولد سنة عشرين وخمس مئة في أحد الربيعين. وكان أبوه من أهل حرستا. فنزل داخل باب توما وأم بالمسجد الزينبي، ونشأ ولده هذا نشأة حسنة. وسمع الكثير، ورحل إلى حلب وتفقه بها على المحدث الفقيه أبي الحسن المرادي، وشارك الحافظ ابن عساكر في كثير من شيوخه. وكان يجلس لإسماع الحديث بمقصورة الخضر ويفتي تحت المنارة الغربية قرب باب الزيادة، وعندها كان يصلي دائما، لا تفوته الجماعة بالجامع. وكان منزله بالجويرة، وعمر دهرا طويلا على هذا القدم الصالح. وناب في الحكم عن ابن أبي عصرون فحكم بالعدل وقضى بالحق. ثم ترك ذلك ولزم بيته وصلى بالجامع. ثم عزل العادل القاضي ابن الزكي الطاهر وألزم القاضي جمال الدين الحرستاني هذا بولاية القضاء، وله اثنتان وتسعون سنة، وأعطاه تدريس العزيزية، ويقال انه كان يحكم بالمدرسة المجاهدية التي عند القواسين، ودرس بها. قال ابن عبد السلام: وما رأيت أحدا أفقه من ابن الحرستاني. وكان يحفظ الوسيط للغزالي وذكر غير واحد انه من أعدل القضاة وأقومهم بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم. وكان ابنه عماد الدين يخطب بجامع دمشق. وولي مشيخة الأشرفية ينوب عنه. وكان السلطان قد أرسل إليه طراحة ومسندا لأجل انه شيخ كبير. وكان ابنه يجلس بين يديه فان نهض أبوه جلس هو في مكانه. ثم انه عزل عن نيابته لشيء بلغة عنه، واستناب شمس الدين الشيرازي. وكان يجلس تجاهه في شرقي الإيوان.
Page 51