قلت: هذه مسألة تناظر فيها الشافعي وإسحاق بن راهويه بمسجد الخيف من منى أيام الموسم، وأظن ذلك في سنة ست وتسعين، أو سبع وتسعين ومائة، وذلك بحضرة أحمد بن حنبل، وهو الرجل الذي راطنه إسحاق بن راهويه به والله أعلم، فذهب الشافعي، ﵁، إلى أن دور مكة ورباعها تباع وتورث وتؤجر، واحتج على ذلك بما ذكره من الآية والأحاديث، واحتج إسحاق بن راهويه على أنها لا تباع ولا تورث ولا تؤجر
بحديث، «إنما كانت تدعى رباع مكة ودورها السوائب، من احتاج سكن، ومن استغنى أسكن»، وتوسط الإمام أحمد في المسألة، فعمل بمقتضى الدليلين، فقال: تباع وتورث ولا تؤجر، والله أعلم.
وقال الزبير بن عبد الواحد الأسد أبادي: سمعت إبراهيم بن الحسن الصوفي، يقول: سمعت حرملة، يقول: سمعت الشافعي، يقول: ما حلفت بالله صادقا ولا كاذبا.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الربيع، قال: قال الشافعي: ما شبعت منذ ست عشرة سنة، إلا شبعة أطرحها، يعني: فطرحتها، لأن الشبع: يثقل البدن، ويقسي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة.
قال: وأخبرني أبو محمد البستي السجستاني، نزيل مكة، فيما كتب إلي: حدثني الحارث بن سريج، قال: دخلت مع الشافعي، على خادم الرشيد، وهو في بيت قد فرش بالديباج، فلما وضع الشافعي رجله على العتبة، أبصره، فرجع ولم يدخل،
1 / 22