193

Soudan

السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)

Genres

بقيت الوزارة غير قابلة إلى آخر لحظة محدودة للرد المطلوب من مصر، وهي إذا أجابت نداء الواجب نحو العرش، فإنها أجابت أيضا من أول الأزمة إلى الآن واجبها نحو البلاد، فقدمت استقالتها قبل أن تسجل في الدستور ما وافقت جلالتكم عليه تحت تأثير الحوادث محافظة على العرش في أحرج المواقف وعلى حقوق البلاد.

أما قانون التضمينات الذي علقت الحكومة الإنكليزية عليه رفع الأحكام العرفية التي تئن منها البلاد منذ تسع سنوات شاكية آلامها وشدة وطأتها كل هذا الزمن، فقد تباحثنا أيضا فيه وطلبنا لإقراره من الكفالات والضمانات ما يحفظ حقوق البلاد من الوجهتين المدنية والجنائية. وقد خطونا في هذا السبيل خطوات واسعة، ولكننا وقفنا وسط الطريق لاستطلاع رأي الحكومة الإنكليزية فيما حددنا من الطلبات الخاصة بحفظ الحقوق المصرية ذلك من جهة ولعدم إتمام البحث من جهة أخرى. ولقد جعلنا للمنفيين والمسجونين والمعتقلين حظا كبيرا من تفكيرنا وقسطا من أعمالنا وطلباتنا من أول توليتنا الحكم، بل وفي كل فرصة كانت تسنح فيحدث ما يحول دون إتمام النجاح تارة، ولتعلق بعض الحالات على إنهاء تلك المسائل العامة أو بعضها تارة أخرى.

وما رجونا من وراء جهادنا جزاء ولا شكرا، وتحملنا ألم السكوت ونقد الناقدين ريثما تنتهي المفاوضات إلى نتيجة حسنة. وما وهنت - يوما - إرادتنا ولا نفوسنا عن العمل؛ لأننا ما كنا نبغي المحال، بل نسعى جهدنا لتحقيق آمال بلادنا وللتوفيق بين مصالح قومنا ومصالح غيرنا، مؤملين إدراك النجاح، فلما أبطأ علينا نزعت يدي من ولاية الحكم قبل أن يتم شيء بلا تثريب علينا، سائلين الرحمن أن يكلأ جلالتكم عنايته، وأن يهيئ للأمة حكومة قديرة على تحقيق أمانيها، فتتبوأ في مجلس الحكم مقاما محمودا، راجيا قبول استقالتي، ولا زلت لجلالتكم العبد الخاضع والخادم الأمين.

صباح الاثنين 5 فبراير سنة 1923

الإمضاء: محمد توفيق نسيم (3) قبول الاستقالة

وقد تلقى حضرة صاحب الدولة محمد توفيق نسيم باشا الإرادة الملكية الصادرة بقبول استعفاء دولته وحضرات زملائه الوزراء من مناصبهم، وهذا نص كتاب جلالة الملك بقبول الاستقالة:

عزيزي محمد توفيق نسيم باشا

اطلعنا على كتاب استقالة دولتكم المرفوع إلينا بتاريخ 5 فبراير الحاضر، فكان أسفنا لاستقالتكم عظيما لما نعلمه عنكم من شرف القصد والإخلاص، ولحسن مساعيكم في خدمة البلاد.

وإنا لشاكرون لكم ولحضرات زملائكم تلك الخدم الجليلة التي قمتم بها للأمة والوطن في عهد وزارتكم، وقد أصدرنا أمرنا هذا لدولتكم بذلك.

فؤاد

Page inconnue