إذا كانت محاسبة النفس واجبة علينا كل ليلة فكيف بها حين يموت عام ويولد عام؟ أفما يجب أن نولد نحن معه؟ وكما نعمل ميزانية تجاراتنا يجب أن نعمل ميزانية حسناتنا، لنرى ما علينا وما لنا عند الإنسانية.
أرأيت في عمرك ودهرك حيوانا يشاركه أحد في طعامه؟ فكيف أكون حيوانا بعدما شرفني الله فخلقني إنسانا؟
وهناك محاسبات كثيرة غير هذه، ولا بد من هذه المحاسبات لجميع طبقات البشر؛ من السيد الرفيع إلى الخادم الوضيع وما بينهما من خلق الله، فكل منهم مسئول عن عمله.
الحاكم يجب أن يحاسب نفسه ليرى كيف ساس رعيته فيحسن إن كان ظلم وأساء، ويحسن أكثر إن كان أحسن، فمجال الإحسان رحب واسع.
إن هذا اليوم لهو يوم الحساب الشديد لتقويم كل اعوجاج فينا، ليس هو يوم قمار وشرب، ولا يوم أكل مما رزقنا الله من الطيبات دون أن نفكر بالآخرين، أمرنا الله أن نأكل من طيبات ما رزقنا، وأمرنا أيضا بالزكاة والإحسان، فهل تعمل يا صاحبي بواحدة وتترك الثانية؟
فلو خففنا من هذا البطر ولو قليلا لننفق تكاليفه على المحرومين لأمنا شر العواقب، إن الحياة مراحل وإذا حمدنا الله على قطعنا إحداها فلنقدم مع الحمد قربانا من الإحسان، ليأخذ الله بيدنا ونصل آمنين إلى الواحة الكبرى، إلى بيت الجميع.
هناك ينعدم الفقر الذي هو صوت صارخ يطلب الانتقام من ثروتك، اخمد هذا الصوت بإحسانك وترقب عاما جديدا يكون لك فيه إحسان جديد.
ليتك تتعود العطاء! جربه تنس لذة الأخذ، إنه أسمى وأرفع، واليد العليا خير من اليد السفلى، والسلام عليك إن كنت محسنا، وإلا فسلامي يرجع إلي لأنك لا تستحقه.
عداوة المهنة
ويسميها العوام عداوة «الكار»، وشعارهم فيها: «على إزميلك أن ينحت دائما في صخرة زميلك»، وإذا لم تفعل ذلك فكنز الثروة المرصود لا يظهر على وجهك. هكذا يتوهم من لا يعتقدون أن النجاح حليف الصادق الأمين، فيظلون دائما يثرثرون ويهذرون، يطرون أنفسهم وينادون على ما عندهم ممتدحين، ويطعنون في زملائهم كلما وجدوا مجال القول واسعا، صور تجدها إذا تأملت في جميع أسواق المدن، بل في كل مكان تطؤه رجلك.
Page inconnue