ولما فرغ من الكلام على المعرفة إجمالا، أخذ في الكلام عليها تفصيلا، فقال:
٥٤ - فما لذي غيبةٍ أو حضور ... كأنت وهو سم بالضمير
المضمر: ما دل على نفس المتكلم أو المخاطب أو الغائب، كأنا وأنت وهو.
وقد أدرج قسمي المتكلم، والمخاطب تحت ذي الحضور، لأن المتكلم حاضر للمخاطب، والمخاطب حاضر للمتكلم، لكن فيه إبهام إدخال اسم الإشارة في المضمر، لأن الحاضر ثلاثة: متكلم، ومخاطب، ولا متكلم، ولا مخاطب، وهو المشار إليه. على أن هذا الإبهام يرفعه إفراد اسم الإشارة بالذكر.
٥٥ - وذو اتصال منه ما لا يبتدا ... ولا يلي إلا اختيارًا أبدا
[٢١] // المضمر أولا: ينقسم إلى بارز ومستتر، وهو ما لا صورة له في اللفظ، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
والبارز ينقسم إلى متصل، ومنفصل:
فالمنفصل: هو ما يصح وقوعه في أول الكلام.
والمتصل: ما لا يصح أن يقع في أول الكلام، كتاء قمت، وكاف أكرمك، ولا يقع بعد إلا اختيارًا، فإنك لا تقول: ما قام إلات، وما رأيت إلاه، وإنما تقول: ما قام إلا أنت، وما رأيت إلا إياه.
ولا يقع الضمير المتصل بعد إلا، إلا في الضرورة، كقوله: [من البسيط]
١٥ - وما نبالي إذا ما كنت جارتنا ... ألا يجاورنا إلاك ديار
ولما ذكر ضابط الضمير المتصل مثله بقوله:
٥٦ - كالياء والكاف من ابني أكرمك ... والياء والها من سليه ما ملك
اعلم أن الضمير المتصل على ثلاثة أقسام: مختص بمحل الرفع، ومشترك بين النصب والجر، وواقع في الإعراب كله.
1 / 34