أجاب أهل السنة عليهم: بأن هذا أيضا قولنا؛ فإن العبد له اختيار غير مضطر إلى الفعل، وأما التشبيه فإنهم مصرحون بنفيه تصريحا بينا ظاهرا مكشوفا حتى إنهم يتأولون في شروح الحديث وغيرها على ما يصح، وقد صنف ابن الخطيب الرازي من الشافعية كتابا مستقلا في تأويل أحاديث الصفات المتشابهة وغيره من المتأخرين بعده من أهل السنة وقرر فيه الأدلة على نفي التشبيه والتجسيم، وأما أحاديث القدر فليست بجبر كما توهم القاضي، بل المراد بها علم الله تعالى السابق، وكتابته في اللوح المحفوظ، وإحاطة المشيئة، وخلق الداعي، ونحو ذلك.
وأما أن الأحاديث وجدت كذلك فهي كثيرة ثابتة بالقدر، والمراد بها ما ذكرناه، وقد ذكر ذلك أيضا علي بن موسى الرضا من الأئمة في مسنده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إن الله -عز وجل- قدر المقادير ودبر التدابير قبل أن يخلق آدم بالفي عام، وفي مجموع زيد بن علي إثبات القدر في موضعين أو ثلاثة في "مجموع الفقه الكبير" وفي "الصغير" ذكر بعضه ذلك في أحدهما، وأما متشابه السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام إلا كمتشابه القرآن الكريم، وقد قال تعالى: { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب } [آل عمران:7].
Page 28