ففي جامع آل محمد قال محمد في كتاب أحمد. قلت لأبي عبد الله أحمد بن عيسى هل المعاصي بقضاء وقدر؟ قال: نعم، وكان أحمد يثبت القدر خيره وشره، ونقل ذلك عن سلف أهل البيت بطول، فمن أراده فليقف على "الجامع الكافي" على أن الذي ألزم به بعض المعتزلة قد لزمهم أيضا أن جعلوا الإلزام بأن الشهوة للقبيح خلق الله تعالى لا يعذب عليها المخلوق كما حققه السيد ما لكريم في شرح الأصول الخمسة وسائر المعتزلة أجمع أولهم؟ وآخرهم وجميع علماء الإسلام غير الطبائعين، وكذلك خلق الداعي الذي لا تتم القدرة إلا به وغير ذلك من القيود للقدرة المنوطة به راجعت مرة شيخنا القاضي أحمد بن صالح العنسي رحمه الله في الشهوة للقبيح، وأنها خلق الله لا يقدر عليها العبد، فقال: نعم ودليله العنين؛ فإنه عاطل عن الشهوة، وعن الحركة يعالج الفعل فلا يقدر عليه فلو كان يقدر عليها لأمكنه، وكذلك يعالج الإنسان أن يضحك أو يبكي فلا يقدر عليه ولا تنزل له دمعة، وإذا بدره ذلك لم يقدر منعه، ولذلك صرح ابن منتويه آخر تذكرته بأنه ليس من مقدور العباد وإليه أشار بقوله تعالى: { وأنه هو أضحك وأبكى } [النجم:43] وغير ذلك والله أعلم.
وإلزام بالجبر لمن لا يعرف العلم؛ فإن أهل السنة قد ألزموا المعتزلة بالجبر من قولهم: إذا تقوت الدواعي، وانتفت الصوارف، وجب الفعل، قال أهل السنة: ولا يزيد قولنا على هذا. قالت المعتزلة: مرادنا بذلك وجوب عاده واستمرار لا وجوب جبر وعدم اختيار.
Page 27